الباب التاسع والعشرون
في انقسام القضاء والحكم والإرادة والكتابة والأمر
والإذن والجعل والكلمات والبعث والإرسال والتحريم
والإنشاء إلى كونيّ متعلق بخلقه ، وإلى دينيّ متعلق
بأمره ، وما يحقق ذلك من إزالة اللبس والإشكال
هذا الباب متصل بالباب الذي قبله ، وكل منهما يقرر لصاحبه ، فما كان من كونيّ ، فهو متعلق بربوبيته وخلقه ، وما كان من الديني ، فهو متعلق بإلاهيته وشرعه ، وهو كما أخبر عن نفسه سبحانه له الخلق والأمر ، فالخلق قضاؤه وقدره وفعله ، والأمر شرعه ودينه ، فهو الذي خلق وشرع وأمر ، وأحكامه جارية على خلقه قدرا وشرعا ، ولا خروج لأحد عن حكمه الكوني القدري ، وأما حكمه الديني الشرعي فيعصيه الفجّار والفسّاق ، والأمران غير متلازمين ، فقد يقضي ويقدّر ما لا يأمر به ولا شرعه ، وقد يشرّع ويأمر بما لا يقضيه ولا يقدّره ، ويجتمع الأمران فيما وقع من طاعات عباده وإيمانهم ، وينتفي الأمران عما لم يقع من المعاصي والفسق والكفر ، وينفرد القضاء الديني والحكم الشرعي في ما أمر به وشرعه ، ولم يفعله المأمور ، وينفرد الحكم الكوني فيما وقع من المعاصي.
إذا عرف ذلك ، فالقضاء في كتاب الله نوعان : كوني قدري ، كقوله :