كونا وقدرا ، وبين هذين الأمرين وأمر من لم يؤمن بالإيمان فرق ، فإنه سبحانه لم يحب من إبراهيم ذبح ولده ، وإنما أحبّ منه عزمه على الامتثال ، وأن يوطّن نفسه عليه ، وكذلك أمره محمدا صلىاللهعليهوسلم ليلة الإسراء بخمسين صلاة ، وأما أمر من علم أنه لا يؤمن بالإيمان ، فإنه سبحانه يحب من عباده أن يؤمنوا به وبرسله ، ولكن اقتضت حكمته أن أعان بعضهم على فعل ما أمره ، ووفقه له ، وخذل بعضهم ، فلم يعنه ولم يوفقه ، فلم تحصل مصلحة الأمر منهم ، وحصلت من الأمر الذبح.
فصل
وأما الكتابة فالكونية كقوله : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي (٢١)) [المجادلة] وقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥)) [الأنبياء] وقوله : (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٤)) [الحج] والشرعية الأمرية كقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ (١٨٣)) [البقرة] وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ (٢٣)) [النساء] إلى قوله : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ (٢٤)) [النساء] وقوله : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (٤٥)) [المائدة] فالأولى كتابة بمعنى القدر ، والثانية كتابة بمعنى الأمر.