فصل
[الكلمات الكونية والكلمات الدينية]
وأما الكلمات الكونية فكقوله : (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣)) [يونس] وقوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا (١٣٧)) [الأعراف] وقوله صلىاللهعليهوسلم : «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برّ ولا فاجر ، من شرّ ما خلق» (١).
فهذه كلماته الكونية التي يخلق بها ويكوّن ، ولو كانت الكلمات الدينية هي التي يأمر بها وينهى لكانت مما يجاوزهن الفجار والكفار.
وأما الديني فكقوله : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ (٦)) [التوبة] والمراد به القرآن وقوله صلىاللهعليهوسلم في النساء : «واستحللتم فروجهن بكلمة الله» (٢) أي : بإباحته ودينه وقوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ (٣)) [النساء] وقد اجتمع النوعان في قوله : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ (١٢)) [التحريم] فكتبه كلماته التي يأمر بها وينهى ويحل ويحرم ، وكلماته التي يخلق بها ويكوّن ، فأخبر أنها ليست جهمية تنكر كلمات دينه وكلمات تكوينه ، وتجعلها خلقا من جملة مخلوقاته.
__________________
(١) صحيح. رواه أحمد (٣ / ٤١٩) وغيره عن عبد الرحمن بن خنبش ، وله شواهد.
(٢) رواه مسلم (١٢١٨) عن جابر بن عبد الله.