بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ذي الإفضال والإنعام ، وصلى الله تعالى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والأئمة الأعلام.
أما بعد : فإن أهمّ ما يجب معرفته على المكلّف النبيل فضلا عن الفاضل الجليل ، ما ورد في القضاء والقدر والحكمة والتعليل ، فهو من أسنى المقاصد ، والإيمان به قطب رحى التوحيد ونظامه ، ومبدأ الدين المبين وختامه ، فهو أحد أركان الإيمان ، وقاعدة أساس الإحسان ، التي يرجع إليها ، ويدور في جميع تصاريفه عليها ، فالعدل قوام الملك ، والحكمة مظهر الحمد ، والتوحيد متضمّن لنهاية الحكمة ، وكمال النعمة ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، فبالقدر والحكمة ظهر خلقه وشرعه المبين ، ألا له الأمر والخلق تبارك الله رب العالمين.
فصل
وقد سلك جماهير العقلاء في هذا الباب في كلّ واد ، وأخذوا في كل طريق ، وتولّجوا كلّ مضيق ، وركبوا كل صعب وذلول ، وقصدوا الوصول إلى معرفته ، والوقوف على حقيقته ، وتكلمت فيه الأمم قديما وحديثا ، وساروا للوصول إلى مغزاه سيرا حثيثا ، وخاضت فيه الفرق على تباينها