ولا يثبت.
والمخاصمون في القدر نوعان : أحدهما : من يبطل أمر الله ونهيه بقضائه وقدره ، كالذين قالوا : لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا. والثاني : من ينكر قضاءه وقدره السابق. والطائفتان خصماء الله.
قال. عوف : من كذّب بالقدر فقد كذب بالإسلام ، إن الله تبارك وتعالى قدّر أقدارا ، وخلق الخلق بقدر ، وقسم الآجال بقدر ، وقسم الأرزاق بقدر ، وقسم البلاء بقدر ، وقسم العافية بقدر ، وأمر ونهى.
وقال الإمام أحمد : القدر قدرة الله. واستحسن ابن عقيل هذا الكلام جدا ، وقال : هذا يدل على دقة علم أحمد وتبحره في معرفة أصول الدين ، وهو كما قال أبو الوفاء.
فإنّ إنكار القدر إنكار لقدرة الرب على خلق أعمال العباد وكتابتها وتقديرها ، وسلف القدرية كانوا ينكرون علمه بها ، وهم الذين اتفق سلف الأمة على تكفيرهم ، وسنذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله.
وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (٢٨)) [فاطر] قال : الذين يقولون : إن الله على كل شيء قدير ، وهذا من فقه ابن عباس وعلمه بالتأويل ، ومعرفته بحقائق الأسماء والصفات ، فإنّ أكثر أهل الكلام لا يوفون هذه الجملة حقها ، ولو كانوا يقرون بها ؛ فمنكرو القدر وخلق أفعال العباد لا يقرون بها على وجهها ، ومنكرو أفعال الرب القائمة به لا يقرون بها على وجهها ، بل يصرّحون أنه لا يقدر على فعل يقوم به. ومن لا يقر بأن الله سبحانه كل يوم هو في شأن ، يفعل ما يشاء ، لا يقر بأن الله على كل شيء قدير ، ومن لا يقرّ بأنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن ، يقلبها كيف يشاء ، وأنه سبحانه مقلب