وفي الحقيقة إن الاعتقاد بالقَدَر ، اعتقادٌ بخالقية الله بلحاظ خصوصيات الأشياء.
وحيث إنّ هذا التقدير الفعليّ مُستندٌ إلى علم الله الأزليّ ، لهذا فإنَّ الاعتقاد بالقَدَر العِلميّ يكون في حقيقته اعتقاداً بعلمِ الله الأزلي.
ب : تفسير القضاء
إنّ «القضاء» كما أسلفنا يعني الحَتمَ والجَزمَ بوجود الشيء ، ومن المُسلَّم أنّ حتمية وجود أيّ شيء وتحقّقه على أساس العليّة والمعلولية رهن تحقّق علّته التامّة ، وحيث إنّ سلسلة العلل والمعلولات (وبالأحرى النظام العِلّي) تنتهي إلى الله تعالى ، لهذا فإنّ حتمية تحقّق أيّ شيءٍ يستند ـ في الحقيقة ـ إلى قدرةِ الله ومشيئته سبحانه.
وهذا هو قضاءُ الله في مقامِ الفعل والخَلق.
وعلمُ اللهِ الأزَليّ في مجال هذه الحتميّة يكون قضاءَ الله الذاتيّ.
كلُّ ما سَلَف يرتبط بقضاءِ الله وقَدَره التكوينيين ، فعليّاً كان أم ذاتياً ، وقد يكونُ «القضاء والقدر» مرتبطين بعالم التشريع ومجاله ، بمعنى أنّ أصلَ التشريع ، والتكليف الإلهيّ يكون قضاءَ الله ، وكذا تكون كيفيته وخصوصيّته كالوجوب ، والحرمة ، وغير ذلك تقديراً تشريعياً لله تعالى.
وقد ذكّر الإمامُ أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام في جواب من سَأَل عن حقيقة القضاء بهذه المرحلة من «القضاء والقدر» إذ قال :