إنّ نبيَّ الإِسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم تلا هذه الآية على قومٍ كانوا يعرفون حياتَه وتفاصيلها ، تمام المعرفة ، فإذا كان له سابقة تحصيل وتعلّم لكذّبوا ادّعاءَهُ هذا.
وأمّا اتّهام البعض إيّاه بأنه (يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) (١) فهي تهمة لا أساس لها مثل سائر التهم الأُخرى ، كما يقول : (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (٢).
ب : لقد تُلي القرآنُ الكريم على الناسِ طيلةَ ثلاثٍ وعشرينَ سنة وفي ظروف مختلفة (في الصلح والحرب ، في السفر والحضر ، و...) بواسطة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتقتضي طبيعة هذا النمط من التحدُّث والتكلّم أن يقع في كلام المتكلّم نوعٌ من الاختلاف والتعدُّديّة في الاسلوب والخصُوصِيّات البيانية فلطالما يقع المؤلّفون الذين يُؤَلّفُونَ كُتُبَهُمْ في ظُروفٍ عاديّةٍ متماثِلةٍ ـ رغم مراعاة قواعد التأليف والكتابة ، وأُصولِها ـ في الاختلاف والاضطراب في الكلام ، فكيف بالذي يُلقي كلاماً بالتدريج ، وفي أوضاع متباينة وأحوال مختلفة تتراوح بين الشدّة والرخاء ، والحزن والفرح ، والقتال والسلام ، والأَمن والخطر؟!
إنّ المُلفت للنظر هو أنّ رسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم تَحدَّث حول موضوعات مختلفة ومتنوعة ، بدءاً بالإلهيّات ومروراً بالتاريخ ، والتشريع ، والأخلاق ،
__________________
(١). النحل / ١٠٣.
(٢). النحل / ١٠٣.