الباب الثالث والسبعون
في جرأة عمر بن الخطّاب على رسول الله
حين علم عمر انّه صلىاللهعليهوآله أراد أن ينصّ على عليّ عليهالسلام
بأنّه صاحب الأمر بعده صلىاللهعليهوآله في مرضه وقال انّه صلىاللهعليهوآله يهجر
من طريق العامّة وفيه سبعة عشر حديثا
الأوّل : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامّة من المعتزلة قال : روى ابن عبّاس رحمهالله قال : دخلت على عمر في أوّل خلافته وقد ألقى له صاع من تمر على خصفة فدعاني إلى الأكل فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل حتى أتى عليه ، ثمّ شرب من جرّة كانت عنده واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله يكرّر ذلك ثمّ قال : من أين جئت يا عبد الله؟ قلت : من المسجد ، قال : كيف خلفت ابن عمّك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر ، قلت : خلفته يلعب مع أترابه ، قال : لم أعن ذلك إنّما عنيت عظيمكم أهل البيت ، قلت : خلّفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان ويقرأ القرآن ، قال : يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟ قلت : نعم ، قال : أيزعم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نصّ عليه؟ قلت : نعم وأزيدك سألت أبي عمّا يدّعيه فقال : صدق ، فقال عمر : لقد كان من رسول الله صلىاللهعليهوآله في أمره زورا من قول لا يثبت حجّة ولا يقطع عذرا ، ولقد كان يرتع في أمره وقتا ما ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الإسلام ، لا وربّ هذه البنيّة لا تجتمع عليه قريش أبدا ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها فعلم رسول اللهصلىاللهعليهوآله أنّي علمت ما في نفسه فأمسك وأبى الله إلّا إمضاء ما حتم.
ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب تاريخ بغداد في كتابه مسندا. إلى هاهنا كلام ابن أبي الحديد (١).
الثاني : ابن أبي الحديد قال في الشرح قال : روى ابن عبّاس قال : خرجت مع عمر إلى الشام في إحدى خرجاته فانفرد يوما يسير على بعيرة فاتبعته فقال لي : يا ابن عبّاس أشكو إليك ابن عمّك سألته أن يخرج معي فلم يفعل ولم أزال أراه واجدا فما تظنّ موجدته؟ قلت : يا أمير المؤمنين إنّك
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٢٠.