قال : لمّا حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده ، فقال عمر كلمة معناها أنّ الوجع قد غلب على رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ قال : عندنا القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف من في البيت واختصموا فمن قائل يقول : القول ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومن قائل يقول : القول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللغط واللغو والاختلاف غضب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : قوموا إنّه لا ينبغي لنبيّ أن يختلف عنده هكذا ، فقاموا فمات رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك اليوم فكان ابن عبّاس يقول : الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يعني الاختلاف واللّغط.
قال ابن أبي الحديد : قلت هذا الحديث قد خرجه الشيخان محمّد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجّاج القشيري في صحيحهما (١) واتّفق المحدّثون كافة على روايته.
إلى هنا كلام ابن أبي الحديد (٢).
الخامس : ابن أبي الحديد في الشرح قال : في الصحيحين خرجاه معا رحمهماالله عن ابن عبّاس انّه كان يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثمّ بكى حتّى بل دمعه الحصى ، فقلنا : يا ابن عبّاس ما يوم الخميس؟ قال : اشتدّ على رسول الله صلىاللهعليهوآله وجعه فقال : ائتوني بكتاب أكتبه لكم لا تضلّوا بعدي أبدا فتنازعوا فقال انّه لا ينبغي عندي تنازع فقال قائل : ما شأنه أهجر استفهموه ، فذهبوا يعيدون عليه فقال : دعوني بالذي أنا فيه خير من الذي أنتم فيه ، ثمّ أمر بثلاثة أشياء فقال : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسئل ابن عبّاس عن الثالثة فقال : إمّا أن لا يكون تكلّم بها وإمّا أن يكون قالها فنسيت (٣).
السادس : ابن أبي الحديد في الشرح قال : وفي الصحيحين أيضا خرجاه معا عن ابن عبّاس رحمهالله قال : لمّا احتضر رسول الله صلىاللهعليهوآله وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطّاب فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا ، فقال عمر : إنّ رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف القوم واختصموا فمنهم من يقول قربوا إليه يكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول : القول ما قاله عمر ، فلمّا أكثروا اللّغو والاختلاف عنده صلىاللهعليهوآله قال لهم : قوموا ، فقاموا وكان ابن عبّاس يقول : الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب (٤).
__________________
(١) صحيح البخاري : ٥ / ١٣٨ و ٧ / ٩ كتاب المرض والطب ط. دار الفكر بيروت المصورة عن استانبول ١٤٠١ ه ، وصحيح مسلم بشرح النووي : ٥ / ٧٦ و ١١ / ٨٩ ط. دار الكتاب العربي ١٤٠٧ ه.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٥١.
(٣) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٥٤ ـ ٥٥.
(٤) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٥٥.