بسم الله الرّحمن الرّحيم
الباب الثلاثون والمائة
في زهد أمير المؤمنين عليهالسلام
من طريق الخاصّة وفيه ثلاثون حديثا
الأوّل : محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن حمّاد عن حميد وجابر العبدي قالا : قال أمير المؤمنين : «إن الله جعلني إماما لخلقه ، ففرض عليّ التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء الناس كي يقتدي الفقير بفقري ، ولا يطغي الغني غناه» (١).
الثاني : ابن يعقوب هذا عن عليّ بن محمد عن صالح بن أبي حمّاد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين عليهالسلام على عاصم بن زياد حين لبس العباءة وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين أنّه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك فقال أمير المؤمنين : «عليّ بعاصم بن زياد» فجيء به ، فلمّا رآه عبّس في وجهه فقال له : «أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك أو ليس الله يقول : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ* فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) (٢) ، أو ليس يقول : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ* بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) (٣) إلى قوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٤) فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال ، وقد قال عزوجل : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (٥)».
فقال عاصم : يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة؟
__________________
(١) الكافي : ١ / ٤١٠ ، ح ١.
(٢) الرحمن : ١٠ ـ ١١.
(٣) الرحمن : ١٩ ـ ٢٠.
(٤) الرحمن : ٢٢.
(٥) الضحى : ١١.