وربّما يظن بالعلة المشتركة ، فتعميم مفاد الآية ، إلى التشريع لا يصحّ إلّا بضرب من القياس ، والاستدلال عليه بالآية عندئذ يستلزم الدور ، كما مرّ نظيره.
الآية الرابعة : آية جزاء الصيد
قال سبحانه : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ). (١)
قال الشافعي : فأمرهم بالمثل ، وجعل المثل إلى عدلين يحكمان فيه ، فلمّا حُرِّم مأكولُ الصيد عامّاً ، كانت لدوابّ الصيد أمثال على الأبدان. فحكم مَن حكم من أصحاب رسول الله على ذلك ، فقضى في الضَّبع بكبش ، وفي الغزال بعنز ، وفي الأرنب بعناق ، وفي اليربوع بجفرة. (٢)
والعلم يحيط أنّهم أرادوا في هذا ، المِثْلَ بالبدن لا بالقِيَم ، ولو حكموا على القيم اختلفت أحكامهم ، لاختلاف أثمان الصيد في البلدان ، وفي الأزمان وأحكامهم فيها واحدة.
والعلم يحيط أنّ اليربوع ليس مثل الجفرة في البدن ، ولكنّها كانت أقرب الأشياء منه شَبهاً ، فجعلت مثله ، وهذا من القياس ، يتقارب تقارب العنز والظبي ، ويبعد قليلاً بُعْدَ الجفرة من اليربوع. (٣)
يلاحظ عليه أوّلاً : بأنّه تدلّ الآية على أنّه يشترط في الكفّارة أن تكون مماثلة لما قتله من النعم إمّا مماثلة في الخلقة كما هو المشهور أو المماثلة في القيمة كما هو
__________________
(١) (المائدة : ٩٥.)
(٢) (العَناق ، هي الأُنثى من أولاد المعز ، ما لم يتمّ له سنة ، والجفرة ما لم يبلغ أربعة أشهر ، وفصل عن أُمّها وأخذ في الرعي.)
(٣) الرسالة : ٤٩١٤٩٠.