بها أكثر الناس. وأمّا إذا كانت المصلحة مظنونة فالإفتاء على وفق هذا الظن الذي لم يدلّ الدليل على حجّيته ، أمر حرام يُعدُّ بدعة حيث إنّه من إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين.
والذي يثير العجب قوله : «... لأنّ العمل بالظن واجب» فما ذا يريد من الظن؟ فهل يريد ما دلّ الدليل القاطع على حجّيته ، فهو صحيح ، لكن المورد عندئذ ممّا نص فيه ، والكلام فيما لا نصّ فيه؟
أو أراد ما لم يدلّ دليل على حجّيته ، فقد مرّ أنّ العمل بمثل هذا الظن يصبح بدعة وأمراً محرماً ، لا تصحّ نسبته إلى الشارع جزماً.
الدليل الثالث : عمل الصحابة بالمصلحة الراجحة
إنّ من يتتبّع اجتهادات الصحابة ومن جاء بعدهم يجد أنّهم كانوا يفتون في كثير من الوقائع بمجرّد اشتمال الواقعة على مصلحة راجحة ، دون تقييد بمقتضى قواعد القياس ، أي بقيام شاهد على اعتبار المصلحة ، دون إنكار من أحد ، فكان فعلهم إجماعاً على اعتبار المناسب المرسل ، والإجماع كما هو معروف حجة يجب العمل به. (١)
الأمر الثالث : شروط العمل بها
إنّ الاستصلاح من مصادر الفقه والاستنباط عند المالكية والحنابلة ، دون الحنفية والشافعية ، فقد ذهب الأوّلان إلى أنّ الاستصلاح طريق شرعي لاستنباط الحكم فيما لا نصّ فيه ولا إجماع ، وانّ المصلحة المطلقة التي لا يوجد دليل
__________________
(١) أُصول الفقه الإسلامي : ٧٦٣ / ٢.