فلمّا كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم. (١)
هذه النصوص تدلّ بوضوح على أنّ عمل الخليفة لم ينطلق من الاجتهاد فيما لا نصّ فيه ولا أخذاً بروح القانون الذي يعبّر عنه بتنقيح المناط ، وإنّما كان عمله من الاجتهاد تجاه النص ونبذ الدليل الشرعي والسير وراء رأيه لمصلحة مذكورة في كلامه.
ومن هذا القبيل : نهي الخليفة عن متعة الحجّ ، ومتعة النساء ، والحيعلة في الأذان ، وغير ذلك.
الثانية : تقييد النصّ بالمصلحة
روي أنّه جاء رجل إلى النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وقال : هلكت يا رسول الله ، قال : «ما أهلكك؟».
قال : وقعت على امرأتي في رمضان ، فقال : «هل تجد ما تعتق رقبته؟» قال : لا ، قال : «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال : لا ، قال : «فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟» قال : لا ، ثمّ جلس فأُتي النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعرق فيه تمر ، فقال : «تصدّق بهذا». (٢)
ومقتضى إطلاق الحديث كفاية كلّ من الخصال في مقام التكفير ، فالغنيّ المفطر ، له أن يكفّر بالعتق كما له التكفير بالأُخرى ، ولكن ربما يقال بتعيّن الصيام على الغني ، لأنّه لا يُكفّر ذنبه إلّا به ، أي صوم شهرين متتابعين ، لأنّه هو الرادع له عن العود إلى الإفطار لا الإطعام ولا عتق الرقبة ، لعسر الأوّل ويسر الثانيين.
__________________
(١) (صحيح مسلم : ١٨٣ / ٤ ١٨٤ ، باب الطلاق ثلاثاً ، الحديث ٣١.)
(٢) بلوغ المرام / ١٣٦ برقم ٦٩٥.