التعرف على الأهم عن طريق آخر غير التعرف على المقاصد
إنّ التعرف على مقاصد الشريعة هو أحد الطرق لتقديم أحد المتزاحمَيْن على الآخر ، وهناك طريق آخر سلكه أصحابنا لا بأس بذكره لإيقاف الآخرين عليه :
إنّ الأُصوليين من الإمامية فتحوا باباً باسم التعارض والتزاحم ، وبيان الفرق بينهما ، ومرجّحات كلّ منهما قالوا :
إذا كان التنافي في مقام الجعل والإنشاء على وجه لا يمكن للحكيم إنشاء حكمين عن جدّ لموضوع واحد ، فهو المسمّى بالمتعارضين ، كما إذا أنشأ وقال : ثمن العذرة سحت ، وقال : لا بأس ببيع العذرة.
وأمّا لو كان التنافي راجعاً إلى مقام الامتثال مع كمال الملاءمة في مقام الإنشاء والجعل فهو المسمّى بالمتزاحمين كما إذا أمر المولى بإنقاذ الغريق ، ففوجئ بغريقين وليس له قدرة إلّا بإنقاذ أحدهما ، فالدليلان متلائمان في مقام الجعل ، متزاحمان في مقام الامتثال.
وقد ذكر الأُصوليون لتقدّم أحد الدليلين على الآخر ، عدّة مرجّحات نشير إليها على وجه الإيجاز فإنّ التزاحم ينقسم إلى الأقسام التالية :
١. ما يكون التزاحم لأجل كون مخالفة أحد الحكمين مقدّمة لامتثال الآخر ، كما إذا توقّف إنقاذ الغريق على التصرّف في أرض الغير.
٢. ما يكون منشأ التزاحم وقوع التضاد بين متعلّقين من باب التصادف لا دائماً ، كما إذا زاحمت إزالة النجاسة عن المسجد ، إقامةَ الصلاة فيه.
٣. ما يكون أحد المتعلّقين مترتّباً في الوجوب على الآخر ، كالقيام في الركعة الأُولى والثانية مع عدم قدرته عليه إلّا في ركعة واحدة ، أو كالقيام في الصلاتين :