بَعْضٍ) (١) فحكم أن الكفار بعضهم يتولى بعضاً وينصره ومنع المؤمنين من ذلك فكان حاكماً عادلا من حيث حكم بما ذكرناه ، والله تعالى أعلم.
[قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) إلخ]
وقال (رحمة الله عليه) في تفسير قول الله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ)(٢) فقيل : كيف أورثهم الكتاب وقد وصفهم بالظلم.
وقال أبو علي الجبائي : ظالم لنفسه أي أنه يحمل عليها في العبادة ويضربها كما يقول القائل : فلان ظالم لنفسه ، لفرط صومه وكثرة صلاته ، وهذه صفة مدح.
وقال آخرون : ظالم لنفسه بفعل الصغائر.
قال (رضي الله عنه) : والذي اعتمده وأعول عليه ، أن يكون (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) من صفة «عبادنا» أي أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ، ومن عبادنا ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ، أي فليس كل عبادنا ظالماً لنفسه ، ولا كلهم مقتصداً ولا كلهم سابقاً بالخيرات ، فكان الذين أورثوا الكتاب السابقون بالخيرات دونهما.
وقال (رضي الله عنه) : علمت (٣) به لما كانت في معنى أحطت ، وأحطت أعم وآكد.
ومثله قوله تعالى (وَجَحَدُوا بِها)(٤) لما كانت في معنى كفروا. لان جحودهم بآيات الله كفر فقال (جَحَدُوا بِها) فعداه بالباء.
__________________
(١) سورة المائدة : ٥١.
(٢) سورة فاطر : ٣٢.
(٣) لعل هنا وقع سقط.
(٤) سورة النمل : ١٤.