[قوله تعالى (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ)]
وسأله أيضاً فقال : أليس قد وعد الله تعالى المؤمنين في عدة مواضع من كتابه المجيد بالجنة والخلود في النعيم ، فما معنى قوله لنبيه (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ)(١) الثواب أو العقاب ، أدخول الجنة أو النار ، لانه عليهالسلام عالم بأن الجنة مأواه وأن الموات (٢) عاقبته. ولا يجوز أن يشك في أنه ليس من أهل النار ، وان شك في ذاك من حال غيره.
والمراد بالاية : أنني لا أدري ما يفعل بي ولا بكم من المنافع والمضار الدنيوية كالصحة والمرض والغنى والفقر والخصب والجدب ، وهذا وجه صحيح واضح لا شبهه فيه.
ويجوز أيضا أن يريد أنني لا أدري ما يحدثه الله من العبادات ويأمرني به وإياكم من الشرعيات وما ينسخ من الشرعيات وما يقر منه ويستدام ، لان ذلك كله مغيب عنه ، وهذا يليق بقوله تعالى في أول الآية (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) وفي آخرها (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ).
[قوله تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) إلخ]
وسأل أيضاً عن قوله تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ)(٣).
كيف يكون النبي صلىاللهعليهوآله في شك مما أوحى إليه؟ كيف يسأل
__________________
(١) سورة الأحقاف : ٩.
(٢) ظ : الثواب.
(٣) سورة يونس : ٩٤.