والحيلولة من حقهما ان يستحيل (١) لمكانهما ووجود ما هما مانع وحيلولة منه. وبهذا الحكم ينفصل مما ليس بمنع ولا حيلولة ، وانما لمن هو حل بالهلاك والاستيصال بعض ما يستحقه من العقاب على وجه يقتضيه المصلحة ولا ينافي التكليف ، فأما أن يكون منعاً وحيلولة فلا ، وجرى في ذلك مجرى الحدود من أنها تقدم بعض المستحق للمصلحة ، والردع الذي يختلف بحسب المكلفين دواعيهم وصوارفهم.
على أن هذا السائل يجب عليه ان يكف عن إطلاق ما ألزمناه فيمن عوجل قاتله وظالمه من الأنبياء والرسل والمؤمنين ، ويصرح بهم فيما لم يعاجل قاتله وظالمه منهم ، بأن الله تعالى خذله أو سلمه ، ولا فرق بين الكل والبعض في ذلك ، وأن التصريح به خروج عن الإسلام.
على أن الله تعالى لم يستأصل من ظلم خير أنبيائه وأشرف رسله محمداً صلىاللهعليهوآله ، فيجب أن يكون تعالى قد خذله ولم ينصره وأسلمه ولم يمنع منه ، وإطلاق ذلك من أقبح الكفر وأعظم الفرية على الله جل اسمه.
فبان بما ذكرناه أن ما سأل عنه غير متوجه إلى الشيعة ويختص بأعينهم ، بل هو سؤال الملحدة والبراهمة لكل من أقر بالربوبية وصدق بالنبوة والرسالة وهذه عادة من خالفهم في استعارة ما يسأل عنه الملحدة ومن فارق الإسلام والملة إذا أرادوا سؤالهم.
فإن قال قائل : فلم لم يعاجل بالعقاب من قتل أئمتكم وعترة نبيكم ، كما عاجل من تقدم.
قيل له : هذا أيضاً سؤال لا يتوجه إلى الشيعة دون من خالفهم من فرق الأمة ،
__________________
(١) في الهامش : يستحل.