الإيثار والتخير ويطابق ما يقتضيه الحكم من حسن التكليف وتوجه المدح والثواب الى المطيع واستحقاقه لهما ، فهو الجواب عن التمكين.
وقد بان به أن الله تعالى لم يمكن من قتل أنبيائه ورسله وخلفائهم والمؤمنين من أممهم ، لانه جل اسمه نهى عن ذلك وزجر عنه وتواعد عليه بأليم العقاب وأمرنا باتباعهم وطاعتهم [و] الانقياد لهم والذب عنهم ، فرغب فيه ودعا اليه ووعد عليه بجزيل الثواب.
فأما المنع عنهم والنصرة لهم تسقم (١) أيضاً الى منع ونصرة يزول معها التكليف والأمر والنهي والترغيب والزجر والثواب والعقاب ، وهو ما أدى الى الإلجاء وينافي التخير والإيثار.
فهذا الضرب من المنع والنصرة ، لا يجوز أن يفعله تعالى مع التكليف ، لمنافاته الحكمة ، ومباينته لما تقتضيه المصلحة وحسن التدبير ، والى منع ونصرة يلائم التكليف والأمر والنهي والترغيب والزجر والثواب والعقاب ، ويثبت معه التخيير والإيثار ، وهو النصرة بإقامة الأدلة ونصب البراهين والأمر بنصرتهم والجهاد دونهم والطاعة لهم والذب عنهم والمنع بالنهي عن مخالفتهم والموالاة لأعدائهم ، وهذا مما قد فعل الله تعالى منه الغاية التي لا يبلغها تمن (٢) ولا يدركها طلب.
فان قال : فقد ظهر من أئمتكم الدعاء على من ظلمهم وغصب حقهم وجحدهم مقامهم ، ونال منهم بالقتل والأذى ، فلم يستجب الله لهم ولم يسمع دعاءهم ، وفي ذلك وهن لهم وحط من قدرهم وتنفير عنهم.
__________________
(١) كذا.
(٢) ظ : شيء.