من فعل القبيح ، فيقال على هذا : ان الله عصمه ، بأن فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح ، ويقال : ان العبد معتصم ، لانه اختار عند هذا الداعي الذي فعل الامتناع عن القبيح.
وأصل العصمة في وضع اللغة المنع ، يقال : عصمت فلاناً من السوء إذا منعت من فعله به ، غير أن المتكلمين أجروا هذه اللفظة على من امتنع باختياره عند اللطف الذي يفعله الله تعالى به ، لأنه إذ افعل به ما يعلم أن يمتنع عنده من فعل القبيح ، فقد منعه منه ، فأجروا عليه لفظ المانع قسراً أو قهراً.
وأهل اللغة يتصارفون ذلك ويستعملونه ، لأنهم يقولون فيمن أشار على غيره برأي فقبله مختاراً ، واحتمى بذلك من ضرر يلحقه ، وهو ماله ان حماه من ذلك الضرر ومنعه وعصمه منعه ، وان كان ذلك على سبيل الاختيار.
فان قيل : أفتقولون فيمن لطف له بما اختار عنده الامتناع من فعل واحد قبيح أنه معصوم.
قلنا : نقول ذلك مضافاً ولا نطلقه ، فنقول : انه معصوم من كذا ولا نطلق ، فيوهم أنه معصوم من جميع القبائح ، ونطلق في الأنبياء والأئمة عليهمالسلام العصمة بلا تقييد ، لأنهم عندنا لا يفعلون شيئاً من القبائح. دون ما يقوله المعتزلة من نفي الكبائر عنهم دون الصغائر.
فإن قيل : فإذا كان تفسير العصمة ما ذكرتم ، فألا عصم الله جميع المكلفين وفعل بهم ما يختارون عنده الامتناع من القبائح.
قلنا : كل من علم الله تعالى أن له لطفاً يختار عنده الامتناع من القبح ، فإنه لا بد أن يفعله وان لم يكن نبياً ولا إماماً ، لأن التكليف يقتضي فعل اللطف على ما دل عليه في مواضع كثيرة.
غير أنا لا نمنع أن يكون في المكلفين من ليس في المعلوم أن فيه سبباً متى