يحل (١) من الاعراض ، ولم يتقدم في الوجود عليها ، وما لم يتقدم المحدث فهو محدث مثله.
وإذا كانت الأعراض التي تأملنا (٢) بحدوثها الى حدوث الأجسام ، والجوهر محدثة لا من شيء ولا عن هيولى ، على ما نموه (٣) به هؤلاء المتفلسفون به ، فيجب أن يكون الجواهر والأجسام أيضاً محدثة على هذا الوجه ، لأنه إذا وجب أن يساوي ما لم يقدم المحدث له في حدوثه ، فيجب أن يساويه أيضاً في كيفية حدوثه.
على أنا قد بينا أن ما أحدث من غيره ليس بمحدث في الحقيقة ، والعرض محدث على الحقيقة ، فيجب فيما لم يقدمه في الوجود أن يكون محدثاً على الحقيقة.
نبين ما ذكرناه أن من أحدث من طين أو شمع صورة ، فهو غير محدث لها على الحقيقة ، وكيف يكون ذلك؟ وهو موجودة الاجزاء في الطين أو الشمع ، وانما أحدث المصور تصويرها وتركيبها والمعاني المخصوصة فيها ، وهذا يقتضي أن الجواهر والأجسام على مذهب أصحاب الهيولى غير محدثة على الحقيقة ، وانما حدث التصوير.
وإذا دل الدليل على حدوث جميع الأجسام ، بطل هذا المذهب.
فأما الذي يدل على بطلان قول من أثبت شيئاً موجوداً ليس بجسم ولا عرض من غير جملة المطالبة أو تصحيح دعواه ولعجزه عن ذلك ، فهو أنه لا حكم
__________________
(١) ظ : لم يخل.
(٢) ظ : قلنا.
(٣) ظ : نوه.