لذات موجودة ليست بجسم ولا جوهر ولا عرض يعقل ويمكن اشارة اليه.
وما لا حكم له من الذوات أو الصفات لا يجوز إثباته ولا بد من نفيه ، لانه يؤدي الى الجهالات والى إثبات ما لا يتناهى من الذوات والصفات ، وقد بينا هذه الطريقة في مواضع من كتبنا ، لا سيما الكتاب «الملخص» في الأصول.
على أنا نقول لمن أثبت الهيولى وادعى أنها أصل للعالم ، وأن الأجسام والجواهر منها أحدثه (١) ، لا يخلو هذه التي سميتها ب «الهيولى» من أن يكون موجودة ما يعنق أنه يستمه (٢) لهذه اللفظة ، لأن الموجود عندكم يكون بالفعل ويكون بالقوة ، ويكون المعدوم عندكم موجوداً بالقوة أو في العلم.
وانما يريد بالوجود هو الذي يعقله ويعلمه صورة عند إدراك الذوات المدركات لان أحدنا إذا أدرك الجسم متحيزاً علم ضرورة وجوده وثبوته. وكذلك القول في الألوان وما عداها من المدركات.
فان قال : هي موجودة على تحديدكم.
قلنا : فيجب أن تكون متحيزة ، لأنها لو لم تكن بهذه الصفة ما جعل منها المتحيز.
ألا ترى أن الاعراض لما لم تكن متحيزة ، لم يمكن أن يحدث فيها المتحيز وإذا أقروا فيها بالتحيز فهي من جنس الجوهر ، وبطل القول بأنها ليست بجوهر ووجب لها الحدوث ، لان دليل حدوث الأجسام ينظمها ويشتمل عليها ، فبطلوا أيضاً القول بعدمها ونفي حدوثها.
__________________
(١) ظ : أحدثها.
(٢) كذا.