على الألكن ، وإن كانا قادرين على جميع أجناس الحروف (١).
ولو كان ما ذكرتموه ـ من أنّ الحروف إذا كانت مقدورة لكلّ أحد ولم يرجع بالكلام إلّا إليها ، فيجب أن يكون جميع ضروبه مقدورة ـ صحيحا لوجب أن لا يتعذّر الشّعر على ناطق ، ولا الكلام الفصيح على متكلّم ، وقد علمنا خلاف ذلك.
قيل له : إذا كان المراد بالنّظم والتأليف ما ذكرته ونشرته فهو صحيح غير مدفوع ، والذي أنكرناه غيره.
وقد قلنا في كلامنا : إنّ النّظم يستعمل في الكلام ، ويراد به توالي حروفه.
وقد يقال : إنّ نظم الشّعر مخالف لنظم [النّثر] (٢) ، بمعنى أنّ حدوث كلمات كلّ واحد منهما ـ في التقدّم والتأخّر والترتيب ـ يخالف الآخر ، إلّا أنّ ذلك لا يوجب كون نظم القرآن على هذا التفسير مستحيلا من العباد وغير مقدور لهم ؛ لأنّ من يقدر على الحروف هو قادر على تقديم إحداثها وتأخيره ، وضمّ بعضها إلى بعض وتفريقه.
وإنّما يتعذّر ذلك على من يتعذّر عليه لفقد العلم بكيفيّة تقديم بعض الحروف على بعض الوجوه (٣) الّتي إذا حدثت عليها كان الكلام شعرا أو خطابة ، أو غير ذلك.
__________________
(١) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٤٠١ : «وليس لهم أن يقولوا : إنّ مرادي بالنظم والتأليف هو الترتيب والفصاحة اللذان وقع القرآن عليهما ، من غير إشارة إلى تأليف كتأليف الأجسام. وأن يكون تعذّره كتعذّر الشعر على المفحم ، والفصاحة على الألكن ؛ وإن كانا قادرين على أجناس الحروف».
(٢) سقطت من الأصل ، وأضفناها لاقتضاء السياق.
(٣) غير واضحة في الأصل : فقد تقرأ : الواجه ، أو الوجه. ولعلّ المناسب ما أثبتناه.