الأغمض ، والجميع معرض له (١).
وإذا كنّا قد أحطنا علما بأنّ ذلك ما لم يحتجّ به العرب ، ولم يتفوّهوا (٢) بشيء منه ، قطعنا على أنّه لم يكن.
وهذا أضعف من كثير ممّا تقدّم ؛ لأنّه يوجب أن تكون العرب عارفة بكلّ شبهة يمكن إيرادها في إعجاز القرآن ، حتّى لا يخطر ببال أحد من المتكلّمين شيء في هذا المعنى إلّا وقد سبق خطوره لهم. وقد علمنا أنّ ذلك ليس بواجب (٣).
[و] لو كان مثل هذا الاحتجاج صحيحا لوجب أن يستعمل في الجواب عن كلّ شبهة يوردها المخالفون في القرآن ، فيقال في كلّ ما يرد من ذلك :
لو كانت هذه الشّبهة قادحة في إعجاز القرآن ومؤثّرة في صحّة دلالته على النّبوّة ، لوجب [أن] تواقف العرب النّبيّ صلىاللهعليهوآله على معناها ، وتحاجّه بها ، وتجعل علمنا بفقد موافقتهم على ذلك دليلا على بطلان التعلّق به. فيؤول الأمر إلى أنّ الجواب عن جميع شبه المخالفين في القرآن واحد لا يحتاج إلى أكثر منه ، ويصير جميع ما تكلّفه المتكلّمون ـ من الأجوبة والطرق ، وما خصّوا به كلّ شبهة من القدح (٤) ـ عيبا (٥) وفضلا وعدولا عن الطريق الواضح إلى الوعر الشاسع.
وإنّما يحتجّ بمثل هذه الطّريقة من يحتجّ بها فيما يعلم أنّ العرب به أبصر منّا ، وأهدى إلى استخراجه من جميعنا ، بشروط الفصاحة ومراتبها ، ومبلغ ما جرت به
__________________
(١) كذا في الأصل.
(٢) في الأصل : يتفوّه ، والمناسب ما أثبتناه.
(٣) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٩٢ : «وهذا من ضعيف التعلّل ؛ لأنّه ليس بواجب أن تعرف العرب هذا القدح ، ولا تهتدي إلى هذه الشبهة. وكم أورد المبطلون في القرآن من الشبهات التي لم تخطر للعرب ببال. ولا رأينا أحدا من المتكلّمين والمحصّلين جعل جواب هذه الشبهة أنّها لو كانت صحيحة لواقف عليها العرب».
(٤) في الأصل : القدم ، وما أثبتناه مناسب للسياق.
(٥) وردت في الأصل : عسا ـ غير منقوطة ـ والظاهر أنّها : عيبا ، أو عنتا.