ولوجب أن تقبح مناظرة معتقديه ، كما قبحت مناظرة من خالف في البلدان ، واعتقد النصّ على أبي هريرة. ولكان جميع ما تكلّفه خصوم الشّيعة ـ من مناظرتهم في النصّ ، ووضع الكتب عليهم فيه ـ خطأ وعبثا!
ومن صار في الدّعوى إلى هذه الحال هانت قصّته ، وخفّت مئونته ، وما يقابل به الشّيعة من تجاسر على هذه الدّعوى من خصومهم معروف.
فإن قيل : كيف يكون العلم بفقد معارضة القرآن جاريا مجرى العلم بفقد النّبيّ الّذي وصفتموه والبلد الّذي ذكرتموه ، وقد ناظر المتكلّمون قديما وحديثا من ادّعى المعارضة ، ووضعوا الكتب عليه ، وهم لا يفعلون ذلك مع من خالف في القرآن وما جرى مجراه (١)؟
وإذا جاز أن يناظر هؤلاء ـ وإن كانت حالهم حال من خالف في البلدان وغيرها ـ جاز أيضا أن يناظر الذّاهب إلى النصّ على أمير المؤمنين عليهالسلام ، وإن كانت حاله حال مدّعي النّصّ على أبي هريرة.
قلنا : لم يناظر المتكلّمون قديما ولا حديثا من ادّعى أنّ القرآن قد عورض بمعارضة ظهرت وشاعت ، وعلمها الموافق والمخالف ، ومع هذا لم تنقل ، كما أنّهم لا يناظرون من ادّعى نبيّا معه صلىاللهعليهوآله ، وبلدا غير معروف. وأكثر ما يستعمل في مثل هذا ، التنبيه والتوقيف.
وما وجدنا أيضا قوما من العقلاء يذهبون إلى وجود هذه المعارضة ، ويتديّنون باعتقادها أو تجويزها ، ولا معتبر بالواحد والاثنين ممّن يجوز أن يظهر خلاف ما يبطن ، ويهون عليه التّظاهر بالمكابرة والمباهتة.
وإنّما ناظر المتكلّمون من جوّز وقوع مناظرة لم يطّلع عليها إلّا الواحد
__________________
(١) في الأصل : مجراها ، وما أثبتناه مناسب للسياق.