الذين تحفل بأسمائهم وأبحاثهم وكتبهم ودراساتهم كتب التراجم والتاريخ والفهارس ـ على دراسة القرآن من شتّى النواحي والجوانب ، وبذلك تأسّس علم ـ بجانب بقيّة العلوم ـ سمّي باسم علوم القرآن ، يندرج تحته عدد كبير من العناوين الفرعيّة ، وكلّ عنوان فرعي يتضمّن فصولا وأبوابا فرعيّة ، تبحث عن موضوع معيّن يتعلّق بالقرآن. ويكفي لمعرفة سعة هذا العلم وتنوّع أبحاثه وتطوّره عبر التاريخ ، مراجعة سريعة ل «الفهرست» لابن النديم ، وملاحظة أسماء المئات من المؤلّفين والمؤلّفات والكتب والرسائل في هذا المجال ، منذ أن نشأ هذا العلم ولغاية جمع ابن النديم لفهرسته في أواسط القرن الرابع الهجريّ ، أي خلال ثلاثة قرون فقط. وأمّا خلال القرون العشرة التي أعقبت تأليف الفهرست ، فإنّ من الصّعب الوقوف على كلّ ما كتب وألّف في هذا المجال ، لأسباب معروفة وواضحة لدارسي هذا العلم ، من تعدّد المذاهب والفرق والنّحل والمدارس الفكريّة ، وتزايد الحواضر العلميّة ، وتشتّت أماكنها وتباعدها ، وسعة رقعة تواجدها ، وتنوّع لغاتها. حيث انتشرت المدارس من الأندلس غربا إلى تخوم الهند والصين وبلاد ماوراء النهر شرقا وشمالا ، مرورا بأهمّ الحواضر العلميّة ، أي بلاد فارس والعراق وبلاد الشام ومصر. وهكذا كثر الدارسون والمؤلّفون والمؤلّفات في مجال هذا العلم ، وتعدّدت رؤاهم واجتهاداتهم حول القرآن ، وتنوّعت لغاتهم التي كتبوا بها مؤلّفاتهم. هذا فضلا عمّا كتب في بلاد الغرب خلال القرون الميلاديّة الأربعة الأخيرة ، حيث تأسّست معاهد وجامعات عديدة لدراسة الشرق وتراثه ، لأغراض علميّة نزيهة وأخرى سياسيّة مشبوهة ، فكان من أولى اهتماماتهم العناية بالدراسة القرآنيّة ، وانتشرت دراسات المستشرقين وأبحاثهم ، وكان فيها الغثّ والسمين ، ومنها ما يحتوي على الوجهة العلميّة والأكاديميّة الصّرفة ، ومنها ما صدر عن