الظّاهر يقول : أخرج عمّنا من بيننا ، فإنّه لا يجيء علينا منه خير ، وأنا أعرف به منك ، وأنا زوج ابنته.
فردّ عليه الأفضل : أنت سيّئ الظّنّ ، وأيّ مصلحة لعمّنا في أن يؤذينا؟
ولمّا تقرّر العادل بمصر استمال الملك العزيز ، وقرّر معه أن يخرج إلى دمشق ، ويملك دمشق ويسلّمها إليه ، فسار معه وقصدوها ، واستمالوا أميرا فسلّم إليهم باب شرقيّ ، وفتحه ودخل منه العادل ووقف العزيز بالميدان (١).
فلمّا رأى الأفضل أنّ البلد قد ملك ، خرج إلى أخيه ودخل به البلد ، واجتمعا بالعادل وقد نزلا في دار أسد الدّين شيركوه ، فبقيا أياما كذلك ، ثمّ أرسلا إلى الأفضل ليتحوّل من القلعة ، فخرج وسلّم القلعة إلى أخيه (٢).
قلت : رجع العزيز إلى مصر ، وأقام العادل بدمشق ، فتغلّب عليها ، وأخرج أولاد أخيه صلاح الدّين عنها ، وأنزل الأفضل في صرخد.
وقال أبو شامة (٣) : انفصل الحال على أن خرج الأفضل إلى صرخد ، وتسلّم البلد الملك العزيز ، وسلّمها إلى عمه ، وأسقط ما فيها من المكوس ، وبقيت بها الخطبة والسّكّة باسم الملك العزيز.
وقال في «الروضتين» (٤) : فيها نزل العزيز بقلعة دمشق ، ودخل هو وأخوه الأفضل متصاحبين إلى الضّريح النّاصريّ ، وصلّى الجمعة عند ضريح والده. ودخل دار الأمير سامة في جوار التّربة ، وأمر القاضي محيي الدّين أن يبنيها مدرسة للتربة ، فهي المدرسة العزيزيّة. ووقف عليها قرية محجّة.
__________________
(١) هو الميدان الأخضر ، كما في الكامل ١٢ / ١٢٢.
(٢) الكامل ١٢ / ١٢١ ـ ١٢٣ ، مفرّج الكروب ٣ / ٦٢ ـ ٧٠ ، المختصر ٣ / ٩٢ ، الدرّ المطلوب ١٢٨ ، العسجد المسبوك ٢٣٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١١١ ، دول الإسلام ٢ / ١٠٣ ، مرآة الجنان ٣ / ٤٧٣ ، البداية والنهاية ١٣ / ١٢ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٣٢ ، السلوك ج ١ ق ١ / ١٢٩ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٢١٧ ، ٢١٨.
(٣) في الذيل على الروضتين ١٠.
(٤) ص ١٠.