فخر الدّين الرّازيّ ، والقاضي مجد الدّين بن عبد المجيد بن عمر بن القدوة ، وكان محترما ، إماما ، زاهدا ، فتكلّم الفخر ، فاعترضه ابن القدوة ، واتّسع الجدال والبحث وطال ، فنهض السّلطان غياث الدّين ، واستطال الفخر على ابن القدوة بحيث أنّه شتمه وبالغ في إهانته ، وانقضى المجلس ، فشكا الملك ضياء الدّين إلى ابن عمّه ما جرى من الفخر بعد انقضاء المجلس ، وذمّ الفخر ، ونسبه إلى الزّندقة والفلسفة ، فلم يحتفل السّلطان بقوله ، فلمّا كان من الغد جلس ابن عمّ المجد بن القدوة في الجامع للوعظ فقال : لا إله إلّا الله ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرسول فاكتبنا مع الشّاهدين. أيّها النّاس إنّا لا نقول إلّا ما صحّ عندنا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمّا قول أرسطاطاليس ، وكفريّات ابن سينا ، وفلسفة الفارابيّ ، فلا نعلمها ، فلأيّ شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام يذبّ عن دين الله؟ وبكى ، فضجّ النّاس ، وبكى الكرّاميّة ، واستغاثوا ، وثار النّاس من كلّ جانب واستعرت الفتنة ، وكادوا يقتتلون ويجري ما يهلك به خلق كثير ، فبلغ ذلك السّلطان ، فأرسل الأجناد وسكّنهم ، ووعدهم بإخراج الفخر ، وأحضره وأمره بالخروج (١).
[الفتنة بدمشق]
وفيها كانت بدمشق فتنة الحافظ عبد الغنيّ بينه وبين الأشعريّة ، وهمّوا بقتله. ثمّ أخرج من دمشق.
وتفصيل ذلك في ترجمته إن شاء الله تعالى.
[موت الملك العزيز]
وفي أوّلها مات الملك العزيز (٢).
__________________
(١) المختار من تاريخ ابن الجزري ٦٢ ـ ٦٤ ، اللمعات البرقية في النكات التاريخية لابن طولون ٢٢ ، ٢٣.
(٢) انظر عن (الملك العزيز) في : التاريخ الباهر ١٩٤ ، والكامل في التاريخ ١٢ / ١٤٠ ، والتاريخ المنصوري ٧ ، وذيل الروضتين ١٦ (في وفيات سنة ٥٩٦ ه.) ، وتاريخ الزمان