سائر العظام ، حتّى كأنّها رءوس لم يكن معها أبدان ، أو كأنّها بيدر بطّيخ.
قال أبو شامة (١) : وجاءت في شعبان سنة سبع زلزلة هائلة عمّت الدّنيا في ساعة واحدة ، هدمت بنيان مصر ، فمات تحت الهدم خلق كثير ، ثمّ امتدّت إلى الشّام ، فهدمت مدينة نابلس ، فلم يبق فيها جدار قائم إلّا حارة السّامرة. ومات تحت الهدم ثلاثون ألفا. وهدمت عكّا وصور ، وجميع قلاع السّاحل.
قلت : هذا نقله الإمام أبو شامة من «مرآة الزّمان» (٢) ومصنّفه شمس الدّين يوسف رحمهالله كثير الحشف والمجازفة ، وإلّا من عنده ورع لم يطلق هذه العبارات على جميع الممالك. وقوله : فلم يبق منهما جدار قائم ، مجازفة أيضا. وقوله : هدمت جميع قلاع السّاحل ، فيه بعض ما فيه كما ترى ، فلا تعتمد على تهويله.
قال أبو شامة (٣) : ورمت بعض المنارة الشّرقيّة بجامع دمشق ، وأكثر الكلّاسة ، والمارستان النّوريّ ، وعامّة دور دمشق إلّا القليل. وهرب النّاس إلى الميادين ، وسقط من الجامع ستّ عشرة شرفة ، وتشقّقت قبّة النّسر ، وتهدّمت بانياس ، وهونين ، وتبنين. وخرج قوم من بعلبكّ يجمعون الرّيباس من جبل لبنان ، فالتقى عليهم الجبلان فماتوا ، وتهدّمت قلعة بعلبكّ مع عظم حجارتها ، وانفرق البحر ، فصار أطوادا. وقذف بالمراكب إلى السّاحل فتكسّرت.
وأحصي من هلك في هذه السّنة فكان ألف ألف ومائة ألف إنسان.
ثمّ قال : نقلت ذلك من «تاريخ» أبي المظفّر سبط ابن الجوزيّ (٤).
__________________
(١) في ذيل الروضتين ٢٠.
(٢) ج ٨ ق ٢ / ٤٧٧.
(٣) في ذيل الروضتين ٢٠.
(٤) انظر (خبر الزلزلة) في : الإفادة والاعتبار للبغدادي ٢٧٠ ، وذيل الروضتين ٢٠ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٤٧٧ ، والكامل في التاريخ ١٢ / ١٧٠ ، ١٧١ ، والتاريخ المنصوري (طبعة