جالساً على يساره وزرارة عن يمينه فدخل عليه أبو بصير فقال : يا أبا عبد الله ما تقول فيمن شكّ في الله؟ فقال : كافر يا أبا محمّـد قال : فشكّ في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : كافر ، قال : ثمّ التفت إلى زرارة فقال : إنّما يكفر إذا جحد» (٥٠) فإنّها ظاهرة في إطلاق الجاحد على المنكر مع كونه شاكّاً وليس على يقين.
ونحوها رواية زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا» (١).
فإنّ المراد بالجهل فيها ـ ظاهراً ـ هو الجهل البسيط أي الشكّ ولذا افترض فيها إمكان التوقّف وعدم الإنكار وهو غير متحقّق مع الجهل المركّب ، ومفاد الرواية حينئذ هو أنّ الشاكّ إنمّا يكفر إذا جحد ، وهو نفس مفادّ الرواية السابقة حيث أطلق فيها الجحود على الإنكار مع فرض الشكّ وعدم العلم.
نعم ما ذكرناه من عدم الاختصاص لا يعني تماميّة الاستدلال بهذه الطائفة من الأخبار على القول المشهور وذلك لأنّ مفادها هو كفر من جحد الفرائض وضروريّات الدين ، وعرفت أنّ الجحود لا يختصّ بصورة العلم بالحال بل يشمل غيره.
إلا أنّ الكلام يقع في ذلك الغير الذي يشمله عنوان الجحود فهل هو عبارة الشكّ والجهل البسيط أو يشمل صورة وجود الشبهة والجهل المركّب؟
وصحّة الاستدلال المذكور مبنيّة على الشمول للجهل المركّب حيث
__________________
(١) الكافي ٢ / ٣٩٩ ح ٣.
(٢) الكافي ٢ / ٣٨٨ ح ١٩.