المجيد وما يصحّ من السنّة المطهّرة فحسب ، بل إنّ ذلك التمييز نشأ لمعالجة الإشكاليّات المنبثقة عن استخدام القواعد الفقهية أو الأُصولية في عملية الاستنباط الشرعي أكثر من مرّة.
وقد لمحنا أوّل مرّة في كتب الشيخ الطوسي الفقهية طبيعة الصناعة الأُصولية التي لها أصولها وقواعدها المتميّزة ، ومع أنّ كتاب عُدّة الأُصول لم يتجاوز على الأغلب مباحث الألفاظ من الأوامر والنواهي ، ودلالات هيئات الألفاظ وموادّها ، إلاّ أنّ القيام بدراسة المسائل الأُصولية وتنقيح مواردها بشكل منفصل عن الفقه بصورة موضوعية يشعرنا بإدراك الشيخ الطوسي لأهميّة التمييز بين الأدلّة الإجمالية والأدلّة التفصيلية. وهو ما توضّحت أهميّته الموضوعية لاحقاً في تشخيص بعض الموارد على صعيد مبادئ علم الاستنباط.
ج ـ حجّية خبر الواحد :
وكان التشابك بين علم الأُصول وعلم الكلام (أي علم أصول الدين) قد أدّى إلى إنكار حجّية خبر الواحد في تلك الفترة التأسيسية لعلم الأُصول ، فقد آمن بعض الفقهاء ، ومنهم السيّد المرتضى ، بأنّ خبر الواحد ـ وهو الرواية الظنّية التي لا نعلم صدقها بشكل قطعي ـ لا يمكن الاستدلال به على النطاق الفقهي ، لأنّ الدليل الأُصولي ينبغي أن يكون قطعياً ؛ فقالوا بعدم جواز التعبّد بخبر الواحد شرعاً وجعلوه بمنـزلة القياس في كون ترك العمل به معروفاً عند الشيعة ، وإن كان العقل يحكم بجواز التعبّد به ؛ ولذلك فإنّهم وجدوا أنفسهم في غنىً عن مناقشة مسائل التعارض والتراجيح والتخيير وطبيعة المراسيل.
فقد قال السيّد المرتضى في الذريعة : «اعلم إنّا إذا كنّا قد دلّلنا على