أنّ خبر الواحد غير مقبول في الأحكام الشرعية فلا وجه لكلامنا في فروع هذا الأصل الذي دلّلنا على بطلانه ؛ لأنّ الفرع تابع لأصله ، فلا حاجة بنا إلى الكلام على أنّ المراسيل مقبولة أو مردودة ، ولا على وجه ترجيح بعض الأخبار على بعض ، وفي ما يردّ له الخبر أو لا يردّ في تعارض الأخبار ، فذلك كلّه شغل قد سقط عنّا بإبطالنا ما هو أصل لهذه الفروع ، وإنّما يتكلّف الكلام على هذه الفروع من ذهب إلى صحّة أصلها ، وهو العمل بخبر الواحد ...) (١).
وذكر الشيخ ابن إدريس في مقدمة كتاب السرائر نقلاً عن السيّد المرتضى في الموصليّات قوله : «لابدّ في الأحكام الشرعية من طريق يوصل إلى العلم ... ولذلك أبطلنا في الشريعة العمل بأخبار الآحاد ، لأنّها لا توجب علماً ولا عملاً ، وأوجبنا أن يكون العمل تابعاً للعلم ، لأنّ خبر الواحد إذا كان عدلاً فغاية ما يقتضيه الظنّ بصدقه ومن ظننت صدقه يجوز أن يكون كاذباً» (٢).
ولكنّ الشيخ الطوسي خالف أُستاذه السيّد المرتضى وأعلن إيمانه بحجّية خبر الواحد ؛ فقد رأى بخبر الواحد دليلاً قاطعاً يجوز التعبد به ، وإلى ذلك أشار شيخ الطائفة في عُدّة الأُصول : «من عمل بخبر الواحد فإنّما يعمل به إذا دلّ دليل على وجوب العمل به إمّا من الكتاب أو السنّة أو الإجماع ، فلا يكون قد عمل بغير علم» (٣). وقال في مكان آخر : «فأمّا ما اخترته من المذهب فهو إنّ خبر الواحد إذا كان وارداً من طريق أصحابنا
__________________
(١) الذريعة ٢ / ٥٥٤ ـ ٥٥٥.
(٢) السرائر : المقدّمة ، طبعة حجرية.
(٣) عدة الأُصول ١ / ٤٤.