هذه الأخبار على صورة التعارض ، كما نوقش في محلّه في علم الأُصول.
الثالث : الآيات الناهية عن العمل بغير العلم ، كقوله تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (١) ، وقوله تعالى : (اَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ...) (٢) وقد رُدّ على هذا الدليل بالقول بأنّ تلك الآيات الشريفة لا دلالة لها على عدم حجّية خبر الواحد أصلاً ، بل إنّ مفادها هو حكم إرشادي وهو إرشاد المكلّف إلى حكم العقل بوجوب تحصيل العلم كمؤمِّن له من العقاب ، وعدم جواز الاكتفاء بالظنّ به بملاك وجوب دفع الضرر المحتمل.
أدلّة المجوّزين للعمل بخبر الواحد :
وقد استدلّ هذا المذهب الذي يرى جواز حجّية خبر الواحد على نظريّته بالأدلّة الأربعة ، وهي :
الأوّل : الكتاب المجيد ومنها : آية النبأ وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (٣). وقد استدلّ على هذه الآية بتقريبات ثلاثة وهي :
التقريب الأوّل : إنّ خبر الفاسق له جهتان ، الأولى : ذاتية ، وهو كونه خبر واحد ، والثانية : عرضية ، وهي كونه خبر فاسق ، حيث إنّ الفسق ليس ذاتيّاً للإنسان الفاسق ، ومقتضى التحقيق هو الجهة الثانية ، أي الجهة
__________________
(١) سورة الإسراء ١٧ : ٣٦.
(٢) سورة يونس ١٠ : ٣٦.
(٣) سورة الحجرات ٤٩ : ٦.