طبيعة الحكم الشرعي الواقعي ، ولكنّه وظيفة المكلّف في ظروف تردّده بين المحذورين (الوجوب أو الحرمة) ، وهو يعلم قطعاً بثبوت أحدهما على النحو الإجمالي.
٥ ـ تعارض الأدلّة وتزاحمها :
والتعارض ، في اصطلاح الشيخ الأعظم رضياللهعنه هو تنافي الدليلين الظنيّين أو تضادّهما بحيث أنّ الدليل الأوّل ينافي الدليل الثاني ويكذّبه كما لو دلّ دليل على وجوب زكاة مال التجارة ودلّ دليل آخر على عدم وجوبها ، أو دلّ دليل على وجوب أمر ما ودلّ آخر على حرمته.
أمّا التزاحم ، فهو يعبّر عن تدافع بين حكمين شرعيّين في مقام الامتثال والتنفيذ ، ويمثّلون له بإقامة الصلاة في آخر الوقت وتطهير المسجد من النجاسة في نفس ذلك الوقت المضيّق ؛ فهنا لا يتمكّن المكلّف في ظرف زمني واحد من الامتثال لكلا الحكمين ، فلا بدّ له من اختيار أحدهما بالتعيين أو التخيير.
ومعرفة الفرق بين التعارض والتزاحم له قدر من الأهمّية في عمليّات الاستنباط ، ففي باب التزاحم لا نجد تكاذباً بين الدليلين في مقام الجعل والتشريع ، بينما نجد في باب التعارض استحالة صدور الدليلين من الشارع بالقطع ، وإلاّ لم يقع التعارض ، فلابدّ هنا ـ في باب التعارض ـ من ترجيح أحدهما على الآخر بالوسائل المرجّحة كقوّة السند من وثاقة الراوي والشهرة ، أو ترجيح ما ليس له بديل على الدليل الذي له بديل ، أو ترجيح الأهمّ على المهمّ.