مبكّر ، وخصّوها بجواز إبطال عمل الأفعال القلبية المتصرّفة الداخلة على المبتدأ والخبر والناصـبة لكلّ منهما ..
قال سيبويه (ت ١٨٠ هـ) : «هذا باب الأفعال التي تُستعمل وتُلغى ، فهي : ظننتُ ، وحسبتُ ، وخلتُ ، وأُريتُ ، ورأيتُ ، وزَعمتُ ، وما يتصرّف من أفعالهنّ ، فإذا جاءت مستعمَلة فهي بمنزلة : رأيتُ وضربت وأعطيتُ في الإعمال ؛ تقول : أظنُّ زيداً منطلقاً ، وزيداً أظنّ أخاك. فإذا ألغيتَ قلتَ : عبدُ الله أظنُّ ذاهبٌ. وكلّما أردت الإلغاء فالتأخير أقوى ، وكلٌّ عربي جـيّد» (١) ..
ومرادهُ : التأخير في قبال توسّطها بين معموليها ، لا في قبال تقدّمها عليهما ، ذلك أن جمهور النحاة البصريين لا يجيزون إلغاءها متقدّمةً على معموليها.
قال المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) : «فالذي تلغيه لا يكون متقدّماً ، إنّما يكون في أضعاف الكلام ، ألا ترى أنّك لا تقول : ظننتُ زيد منطلقٌ» (٢).
وقال ابن السّراج (ت ٣١٦ هـ) : «ويجوز لك أن تلغي الظنَّ إذا توسّط الكلام أو تأخّر ، وإن شئت أعملته ... ولا يحسن أن تلغيه إذا تقدّم» (٣).
ونجـدُ مثلَ هذا المضـمون لدى كلّ من الزجّاجي (ت ٣٢٧ هـ) (٤) ،
__________________
(١) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبـد السلام هارون ١ / ١١٨ ـ ١١٩.
(٢) المقتضـب ، محمّـد بن يزيد المبرّد ، تحقيق عبـد الخالق عضيمة ٢ / ١١.
(٣) الأُصول في النحو ، ابن السّراج ، تحقيق عبـد الحسين الفتلي ١ / ١٨٠.
(٤) الجُمل ، أبو القاسـم الزجّاجي ، تحقيق ابن أبي شنب : ٤٣.