قول الحسن عن جميع المفسّرين من الأُمّة بموجب أن يكون ما يقول كما يقول : وأنتم تعلمون أنّ الشيء لا يستثنى إلاّ من جنسه ، وتعلمون أنّ الجنّ سُمّوا جنّاً لاجتنانهم عن الرؤية ، إلاّ إذا أرادوا الترائي بما جعل الله عزّ وجلّ فيهم من القدرة على ذلك ، وأنّ إبليس من صفوف الملائكة ، وغير جائز في كلام العرب أن يقول قائل جاءت الإبل كلّها إلاّ حماراً ، ووردت البقر كلّها إلاّ فرساً ، فإبليس من جنس ما استثني.
وقول الحسن : في هاروت وماروت ، بأنّهما علجان من أهل بابل شذوذ شذّ به عن جميع أهل التفسير ، وقول الله عزّ وجلّ يُكذّبه إذ قال : (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بفتح اللام بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) (١) ، فليس في قولكم عن قول الحسن فرج لكم ، فدعوا ما لا فائدة فيه من علّة ، ولا عائدة من حجّة.
قال مفضّلو الملائكة عليهم السلام : قد علمتم ما للملائكة في كتاب الله تعالى من المدح والثناء ممّا بانوا به عن خلق الله جلّ وعلا ، إذ لو لم يكن فيه إلاّ قوله : (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٢) لكفى.
قال مفضّلوا الأنبياء والحجج عليهم السلام : إنّا لو استقصينا آي القرآن في تفضيل الأنبياء والحجج صلوات الله عليهم أجمعين ، لاحتجنا في ذلك إلى التطويل والإكثار وترك الإيجاز والاختصار ، وفيما جئنا به من الحجج النظريّة التي تزيح العلل من الجميع مقنع ؛ إذ ذكرنا ترتيب الله عزّ وجلّ خلقه ، فجعل الأرض دون النامي ، والنامي أعلى وأفضل من الأرض ،
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٠٢.
(٢) سورة الأنبياء ٢١ : ٢٦ ـ ٢٧.