ومنه يظهر :
إنّ الأصول الخمسة المعروفة كلّها أصول دين وأصول للإسلام الواقعي ويطلب من كلّ مكلّف الاعتقاد بها جميعاً وأنّ الاعتقاد ببعضها فقط لا يصيّر المكلّف مسلماً واقعياً.
نعم يجري على الألسنة التفريق بين الأصول الخمسة بجعل بعضها أصول دين كالتوحيد والنبوّة وبعضها أصول مذهب كالإمامة والعدل إلاّ أنّ هذا ناظر إلى الإسلام بالمعنى الأوّل حيث لا يعتبر فيه أزيد من الإقرار بالتوحيد والنبوّة ـ كما تقدّم ـ فيصحّ أن يقال إنّ أصول الإسلام الظاهري ـ الذي تترتّب عليه الآثار الدنيوية السابقة ـ هي عبارة عن التوحيد والنبوة دون الإمامة والعدل.
إلاّ أنّ هذا بلحاظ مرحلة الظاهر وكيفية التعامل الدنيوي مع الآخرين ؛ وأمّا الإسلام الواقعي ، الإسلام الذي يريد الله سبحانه وتعالى من عباده التديّن به ، الإسلام الذي بشَّر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وبلّغه إلى الناس ـ فهو شيء آخر وليست أصوله وركائزه التوحيد والنبوّة فقط بل الإمامة والعدل وسائر ما يطلب منّا الإيمان والاعتقاد به فهي كلّها أصول لهذا الدين.
وقد عرفت سابقاً أن الإسلام الظاهري لا يعتبر فيه الإذعان والتصديق القلبي بل يكفي فيه مجرّد الإقرار بالشهادتين لساناً ، ومن الواضح أنّ هذا لا يمكن أن يكون هو الدين الذي جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من عند الله سبحانه وتعالى وليس هو الإسلام في قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ) (١).
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٩.