ولم أك قبل وسمك لي محبا |
|
فيبعدني بياضك عن حبيبي |
ولا ستر الشباب علي عيبا |
|
فأجزع إن تنم على عيوبي |
ولم أذمم طلوعك بي لشئ |
|
سوى قرب الطلوع إلى شعوب |
أما تشبيهه الشيب في بياضه بالنور فهو طريق مهيع ويجئ في الشعر كثيرا ، وقد نبهنا في ما مضى من شعر البحتري على شئ منه ، وإن كان هذا المعنى أكثر من أن يحصى.
فأما البيت الذي أوله " ولم أك قبل وسمك لي محبا " فيشبهه قول البحتري :
أعاتك ما كان الشباب مقربي |
|
إليك فألحي الشيب إذ كان مسعدي |
من وجه وإن خالفه من آخر ، والوجه الذي كأنهما يشتبهان منه أن المشيب لم يزده بعدا من الغواني وإنه على ما كان عليه في حال الشباب. ويختلفان من حيث صرح أخي رحمه الله بأنه ما كان محبا تنزها وتصاونا ، فاستوت فيه حال الشيب والشباب ، والبحتري ذكر أنه كان مبعدا مقصى في الحالين فلم يزده الشيب شيئا.
وقوله " ولا ستر الشباب علي عيبا " البيت ، في غاية حسن المعنى واللفظ ، وكأنه غريب ، لأني لا أعرف إلى الآن نظيره.
* * *
وله من جمله قصيدة :
فكيف بالعيش الرطيب بعد ما |
|
حط المشيب رحله في شعري |
سواد رأس أم سواد ناظر |
|
فإنه مذ زار اقذي بصري |
ما كان أضوأ ذلك الليل على |
|
سواد عطفيه ولما يقمر |
عمر الفتى شبابه وإنما |
|
آونة الشيب انقضاء العمر |