فانتبه حزينا وجلاً خائفاً ، فركب راحلته وقصد المدينة [من الشام] ، فأتى قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه.
فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمّهما ويقبِّلهما ، فقالا له : يا بلال ، نشتهي أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذّنه لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلمفي السَّحَر ، ففعل ، فَعَلا سطح المسجد ، فوقف موقفه الذي كان يقف فيه ، فلمّا أن قال : «الله أكبر الله أكبر» ارتجّت المدينة.
فلما أن قال : «أشهد أن لا إله إلّا الله» زاد تعاجيجها ، فلما أن قال : «أشهد أن محمّداً رسول الله» خرج العواتق من خدورهنّ ، فقالوا : أبُعِث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! فما رؤي يوماً أكثر باكياً وباكية بعد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك اليوم (١).
لقد ثبت أنّ بلالاً أذّن لفاطمة بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبل خروجه إلى الشام ، وأذّن للحسن والحسين بعد وفاة فاطمة عند رجوعه من الشام لزيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل روي أنّه كان يرجع كلّ سنة مرّة إلى المدينة فينادي بالأذان للمسلمين إلى أن مات (٢) ، فلماذا لم يؤذّن للخليفة الأوّل ، ومن بعده. للثاني؟!
إنّ حقيقة امتناع بلال من التأذين تتجاوز مسألة ترحيله إلى الشام للمشاركة في الجهاد ، بل إنّ المسألة لَتصل إلى معارضته لأصل خلافة أبي بكر وعمر ولأنّه أبى
__________________
(١) تاريخ دمشق ٧ : ١٣٦ ترجمة رقم ٤٩٣ قال : انبأنا أبو محمد بن الاكفاني ، نا عبدالعزيز بن أحمد ، نا تمام بن محمد ، نا محمد بن سليمان ، نا محمد بن الفيض ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء ، ثم ذكر باقي الاسناد ، والنص عنه ، ومختصر تاريخ دمشق ٤ : ١١٨ ، ٥ : ٢٦٥ ، أسد الغابة ١ : ٢٠٨. وانظر : تهذيب الكمال ٤ : ٢٨٩ ، حيث أبدل «الحسن والحسين» بـ «بعض الصحابة».
__________________
(١) تاريخ دمشق ٧ : ١٣٦ ترجمة رقم ٤٩٣ قال : انبأنا أبو محمد بن الاكفاني ، نا عبدالعزيز بن أحمد ، نا تمام بن محمد ، نا محمد بن سليمان ، نا محمد بن الفيض ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء ، ثم ذكر باقي الاسناد ، والنص عنه ، ومختصر تاريخ دمشق ٤ : ١١٨ ، ٥ : ٢٦٥ ، أسد الغابة ١ : ٢٠٨. وانظر : تهذيب الكمال ٤ : ٢٨٩ ، حيث أبدل «الحسن والحسين» بـ «بعض الصحابة».
(٢) انظر : الدرجات الرفيعة : ٣٦٧ ، نقلاً عن كتاب المنتقى.