ـ كما يبدو ـ أن يؤذّن لهما بالأذان الذي بُدِّل فيه وغُيِّر ، والذي سخّروا له من بعد سعد القرظ مولى قريش ، الذي ظل مؤذّناً حتّى للحجّاج الثقفي ، ولم يكن له أيّ دور في المدينة في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال النووي في تهذيب الاسماء : جعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سعد القرظ مؤذناً بقباء ، فلما ولي أبو بكر الخلافة وترك بلالٌ الأذان نقله أبو بكر إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليؤذن فيه فلم يزل يؤذن فيه حتّى مات في أيّام الحجاج بن يوسف الثقفي ، وتوارث بنوه الأذان. وقيل : الذي نقله عمر بن الخطاب (١).
ولكنّ بلالاً مع ذلك لم يمتنع عن التأذين لأهل البيت والمسلمين المخلصين ـ ولذلك قال جعفر بن محمّد : رحم الله بلالاً فإنّه كان يحبنا أهل البيت (٢) ـ ، بل إنّه امتنع عن التأذين لرجال النهج الحاكم ورؤوس الخلافة وحدهم.
روى الشيخ المفيد بسنده عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : وكان بلال مؤذّن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لزم بيته ولم يؤذّن لأحد من الخلفاء (٣).
__________________
(١) تهذيب الأسماء ١ : ٢٠٧.
(٢) الاختصاص : ٧٣. ويدل على اختصاص بلال بعليّ وأهل البيت وعدم إيمانه بشرعية خلافة أبي بكر ، ما روي في تفسير الحسن العسكري : في ان بلالاً كان يعظّم أمير المؤمنين عليهالسلام ويوقره أضعاف توقيره لأبي بكر ، فقيل له في ذلك مع أنّ أبا بكر كان مولاه الذي اشتراه واعتقه من العذاب ، فأجاب من ذلك بأحسن جواب ، فكان فيما قال : ان حقَّ عليٍّ أعظم من حقه ، لأنّه أنقذني من رق العذاب الذي لو دام عليّ وصبرت عليه لصرت الى جنات عدن ، وعليّ انقذني من رق العذاب الأبد ، واوجب لي بموالاتي له وتفضيلي إيّاه نعيم الأبد «تفسير العسكري ٦٢١ / ح ٣٦٥».
هذا وقد بقى بلال إلى آخر لحظات عمره الشريف موالياً لمحمّد وآل محمّد ، وقد ردد قبل موته نفس الشعار الذي ردده عمار في صفين من بعد :
غداً سنلقى الأحبّة |
|
محمّــداً وحــزبـــه |
«مختصر تار يخ دمشق ٥ : ٢٦٧».
(٣) الاختصاص : ٧٣.