وقال الـمزّي : ويقال : إنّـه لم يؤذّن بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلّا مرّة واحدة ، في قَدمة قَدِمها لزيارة قبر النبـيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وطلب إليه الصحابة ذلك فأذّن ، ولم يُتمّ الأذان ... (١)
وفي كتاب أصـفـياء أمير المؤمنـين ، روى عن ابن أبي البـختـري ، قال : حدّثنا عبدالله بن الحسن : انّ بلالاً أبى أن يبايع أبا بكر ، وإنّ عمر جاء وأخذ بتلابيبه ، فقال : يا بلال ، إنّ هذا جزاء أبي بكر منك؟! إنّه أعتقك فلا تجيء تبايعه؟!
فقال بلال : إن كان أبو بكر أعتقني لله فليدعني له ، وإن كان أعتقني لغير ذلك فها أنا ذا (٢).
وأمّا بيعته فما كنت أبايع أحداً لم يستخلفه رسول الله ، وإنّ بيعة ابن عمّه يوم الغدير في أعناقنا إلى يوم القيامة ، فأيّنا يستطيع أن يبايِع عَلَى مولاه؟
فقال له عمر : لا أمّ لك ، لا تُقِمْ معنا!
فارتَحَلَ إلى الشام (٣) ...
__________________
(١) انظر كلام المزي في تهذيب الكمال ٤ : ٢٨٩ ، ومثله ما حكاه الحصني الشامي «ت ٨٢٩ هـ» في كتابه دفع الشبه عن الرسول : ١٨٢ عن الحافظ عبدالغني المقدسي في كتابه الكمال في ترجمة بلال ـ وأنّه قد قال بهذا القول قبل المزّي ـ. وقد يكون مقصود المزّي والمقدسي من جملة «طلب إليه الصحابة» هو طلب الحسن والحسين ، إذ لم يقل أحد بأنه أذن للصحابـة على نحو العمـوم ، وكذا لا يصـحّ ما قاله بأن بلالاً لم يـؤذّن بعد النبيّ إلّا مـرّة واحدة ؛ لثبوت تأذينه لفاطمة الزهراء قبل رحلته إلى الشام.
(٢) لا يخفى عليك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي اشترى بلالاً وأعتقه ، لكن بواسطة أبي بكر إذ كانت عنده علاقات حسنة مع كفار قريش ولم يكن وَتَرهم.
(٣) الدرجات الرفيعة : ٣٦٧ ، عن كتاب أصفياء أمير المؤمنين. وقد روى الوحيد البهبهاني قريباً من هذا في التعليقة (انظر : معجم رجال الحديث ٤ : ٢٧٢) ..