وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلملعليّ : «أنت مني وأنا منك» (١).
ولو جمعنا آية المودة ، مع آية التطهير ، مع حديث الثقلين ، وما جاء في أهل الكساء ، وقوله : لا يزال الدين عزيزاً حتّى يكون منهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش (٢) ، وقوله : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (٣) ، وغيرها من الآيات والروايات ، لعرفنا دلالة هذه النصوص على الولاية التي هي بمعنى الإمامة ، لا بمعنى الصاحب والُمحبّ ، وما شابه ذلك من المفاهيم التي تطرحها مدرسة الخلفاء ونهج الاجتهاد والرأي.
عرفنا إذاً أنّ الخطاب في آية المودّة هو لعموم المسلمين الذين آمنوا برسالة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا لخصوص المشركين من قريش حسبما قاله البعض ؛ لكون الآية مدنية وإن كانت السورة مكية ، فلا يُعقل أن يخاطب الرسول أعداءه من المشركين ويطلب منهم أجراً على رسالته.
وكذا لا يصحّ ما قاله البعض الآخر : من أنّ الآية تشير إلى معنى تودّد المسلمين في التقرّب إلى الله ، ومعنى كلامهم هذا أنّ القربى استعملت بمعنى مطلق التقرّب ، وهذا باطل لغو ياً حيث لم يرد هذا المعنى في المعاجم.
ويضاف إليه : كيف يمكن للرسول أن يوقف أجر رسالته على نفسها ، لأنّ المسلم وباتّباعه الرسالة يحصل له القرب إلى الله ، فلا معنى للتودّد والإلحاح في القرب إليه ؛ لأنّه توقيف الشيء على نفسه ، وإن كان كذلك فلا يكون أجر الرسالة بل هو نتيجة الرسالة.
هذا ، وإنّك لو طالعت التاريخ الإسلامي لعرفت أنّ مفهـوم القـربى كان في
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ ـ ٤ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ كتاب الصلح / باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان ...
(٢) صحيح مسلم ٦ : ٤ كتاب الامارة ، سنن بي داود ٤ : ١٠٦ ح ٤٢٨٠.
(٣) وسائل الشيعة ١٦ : ٢٤٦ كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.