الشامي فهم معانيها بأدنى تأمّل ، وبمجرّد إيضاح الإمام السجّاد عليهالسلام له المراد من هذه الآيات. هذا من جهة ، ومن جهة ثانية يبين هذا النص مدى التعتيم الإعلامي الأموي على أهل البيت ، وتحريفات السلطة لمعاني هذه الآيات المباركة ، ولذلك كأنّ الشيخ الشامي من قبل لم يشعر بها وبمعانيها. ولم يعرف المصداق الأكمل لها في زمانه.
ومثله روى حكيم بن جبير ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : كنت أجالس أشياخاً لنا إذ مر علينا عليّ بن الحسين وقد كان بينه وبين أناس من قريش منازعة في امرأة تزوّجها منهم لم يرض منكحها ، فقال أشياخ الأنصار : ألا دعوتنا أمس لما كان بينك وبين بني فلان ، إنّ أشياخنا حدّثونا أنّهم أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا محمّد ، ألا نخرج إليك من ديارنا ومن أموالنا لِمَا أعطانا الله بك وفضّلنا بك وأكرمنا بك؟ فأنزل الله تعالى : (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ونحن ندلكم على الناس ، أخرجه ابن منده (١).
وجاء في الكافي في حديث طويل عن الباقر عليهالسلام فيه قوله : (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) يقول : أجر المودة الذي لم اسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون به من عذاب يوم القيامة ، وقال لاعداء الله ، اولياء الشيطان أهل التكذيب والانكار : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْـمُتَكَلِّفِينَ) (٢).
وبعد هذا فلنا أن نحتمل أنّ الله تعالى قد ألمح في قوله (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (٣) ، إلى ما تُلاقيه هذه المجموعة الصالحة من قربى الرسول من أمّته بعده.
__________________
(١) اُسد الغابة ٥ : ٣٦٧.
(٢) الكافي ٨ : ٣٧٩ / ح ٥٧٤ ، البرهان ٧ : ٧٩.
(٣) سورة الشورى الآية : ٢٣.