وبعد أن بينا تعاريف «خير العمل» في روايات أهل البيت : سابقاً ، وانها تعني : «الولاية» و «بر فاطمة وولدها» ، نصل إلى أنّ نهي الخليفة يمثّل إعلاناً عن عدم الاعتناء ببر فاطمة ، وهو ما يعود بالنتيجة إلى الولاية والخلافة وأن عمر بن الخطاب لا يريد الإشارة إلى خلافة غيره ، بل إنه لا يريد الإشارة إلى كلّ ما يتعلّق بها.
وممّا يدعم هذا المعنى ما تنطوي عليه العقوبة التي فرضها عمر بن الخطاب على القائل بها ، فقوله (أنهى عنها) أو (أُعاقِبُ عليها) بمثابة اعتراف مبدئيّ منه بشرعيّة «حيّ على خير العمل» ، واعتراف ضمني على ما يجول في دواخله ، ولذلك فقد ربط نهيه عن «حيّ على خير العمل» بنهييه عن متعتَي النساء والحجّ ، اللَّذَيْنِ أكد الإمام عليّ وابن عبّاس ورعيل من الصحابة على شرعيتها ، بخلاف عمر والنهج الحاكم اللذين دعيا إلى تركها ، فترك هذه الثلاث عُمَرِيٌّ ، وأمّا لزوم الإتيان بها أو جوازه فهو علوي ، إذاً الأمر لم يكن اعتباطاً ، بل جاء لوجود رابطة وعلاقة متينة بين كلّ الأمور المنهيّ عنها.
لقد ، بلغ النزاع حول المسألة المبحوثة أوجه في القرنين الرابع والخامس الهجريّين ، حيث إنّ الصراع الفكريّ والاعتقاديّ في تلك الفترة الزمنيّة قد اشتدّ كثيراً ، فسيطر على الشارع العامّ جوٌّ من الخلاف الحادّ بين الشيعة والسنّة ، كلٌّ يدّعي أنَّ الحقّ في جانبه ، ولم يصلا لقاسم مشترك يرضي الطرفين في محاولة للعودة إلى حالة الألفة وعدم التنازع ، فكلٌّ منهما متمسِّك بصلابة بما توصّل إليه ؛ هؤلاء بأئمتهم ، وأولئك بحكوماتهم.
ولو ألقينا نظرة فاحصة على النصوص التي مرت في حوادث سنة ٣٥٠ ـ ٤٤٣ هـ ، ودرسنا وضع شدّة النعرة الطائفية واستفحالها ، لشاهدنا بوضوح دور مسألة «حيّ على خير العمل» الذي تزامن طرحها مع مسائل اعتقاديّة أُخرى بشكل