لكنّ هذا الجواب غير علميّ ولا دقيق ؛ لأنَّ مجرّد احتمال مقارنة الوحي لا يفيد ، إذ لو كان ذلك صحيحاً لذكرته الروايات المعتمدة في الباب ولم تنحصر باجتهادات أمثال ابن حجر.
ثمّ لماذا لم ينزل الوحي على رسول الله حينما كان متحيّراً في أوّل أمره (أي حينما قَدِم المدينة) حتّى أخبره عبدالله بن زيد بمنامه ، ثمّ تطابق الوحي مع الرؤيا بعد ذلك؟!
إنَّ تعارض النصوص وتخالفها مع الثوابت الأُخرى تُخطِّئ هذه الرؤية ؛ لأنَّ القول بتشريع الأذان في المَسرى لا يتطابق مع حيرة النبيّ وسعيه لمشاورة الصحابة في المدينة ، وخصوصاً حينما نشم رائحة الغلوّ من بعض النصوص وادِّعاء نزول ما يشابه الوحي على عبدالله بن زيد ، أو على عمر ، أو بلال ، لقول عبدالله في بعض النصوص : «كأنّي وأنا بين نائم ويقظان» ، وفي آخر : «لولا أن يقول الناس لقلتُ بأنّي كنتُ يقظان غير نائم»!!
أو ما جاء في نصوص أُخرى : «إنَّ جبرئيل أذَّن في سـماء الدنيا ، فسمعه عمر وبلال ، فسبق عمر بلالاً فأخبر النبيّ ثمّ جاء ...» ، أفَـلا تـرى أنّ هـذه النصـوص ترفـع من شـأن عبدالله بن زيد ومن شـأن عمرَ إلى مرتـبة النـبوّة ، وتغـلو فيهما؟!
بل العجب العجاب أن نرى إلقاء العبء الأكبر في الأذان على عبد الله بن زيد بن عبد ربّه الخزرجي الأنصاري ، هذا الصحابي غير الواضح المعالم في التاريخ والفقه ، والذي لم يُعرَف ولم يشتهر إلّا عبر هذه المفردة ، إذ عرف بـ «الذي أُرِيَ الأذان». ومثل ذلك ما قيل في سَمِيّه عبدالله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري «صاحب حديث الوضوء» الذي ألقوا على عهدته قسماً من الوضوء الثلاثي الغَسلي وادّعوا أن الأخبار الصحيحة جاءت عنه وهو منها بريء!
فلماذا هذان الصحابيان الأنصاريان الغامضا المعالم؟! اللذان لا يعرفان إلّا في