هذه الطّائفة ، أرسل عرّف السّلطان (١) ، فبعث يأمره بقتلهم وأخذ ما معهم ، وكان شيئا كثيرا.
وكان بعد مملكته مملكة الخطا ، وقد سدّ الطّرق من بلاد تركستان وما بعدها من البلاد ، لأنّ طائفة من التّتار أيضا كانوا قد خرجوا من قديم الزّمان والبلاد للخطأ. فلمّا ملك خوارزم شاه ، وكسر الخطا ، واستولى على بلادهم ، استولى هؤلاء التّتار على تركستان ، وصاروا يحاربون نوّاب خوارزم شاه ، فلذلك منع الميرة عنهم من الكسوات وغيرها. وقيل غير ذلك.
فلمّا قتل أولئك التّجّار ، بعث جواسيس يكشفون له جيش جنكزخان ، فمضوا وسلكوا المفاوز والجبال ، وعادوا بعد مدّة ، وأخبروا بأنهم يفوقون الإحصاء ، وأنّهم من أصبر خلق الله على القتال ، لا يعرفون هزيمة ، ويعملون سلاحهم بأيديهم. فندم خوارزم شاه على قتل تجّارهم ، وحصل عنده فكر زائد ، فأحضر الفقيه شهاب الدّين الخيوقيّ فاستشاره ، فقال : اجمع عساكرك ويكون النّفير عامّا ، فإنّه يجب على الإسلام ذلك ، ثمّ تسير بالجيوش إلى جانب سيحون ، وهو نهر كبير يفصل بين التّرك وبلاد ما وراء النّهر ، فتكون هناك ، فإذا وصل إليه العدوّ وقد سار مسافة بعيدة ، لقيناه ونحن مستريحون ، وهم في غاية التّعب.
فجمع الأمراء واستشارهم ، فلم يوافقوه على هذا ، بل قالوا : الرّأي أن نتركهم يعبرون سيحون إلينا ، ويسلكون هذه الجبال والوعر ، فإنّهم جاهلون بطرقها ، ونحن عارفون بها ، فنقوى حينئذ عليهم ويهلكون.
فبينما هم كذلك إذ قدم رسول جنكزخان يتهدّد خوارزم شاه ويقول : تقتلون تجّاري وتأخذون أموالهم ، استعدّوا للحرب ، فها أنا واصل إليكم بجمع لا قبل لكم به. وكان قد سار وملك كاشغر وبلاساغون وأزال عنها التّتار الأوّلين ، فلم يظهر لهم أثر ، ولا بقي لهم خبر ، بل أبادهم ، فقتل خوارزم شاه الرّسول ، وأمّا أصحابه فحلق لحاهم ، وردّهم إلى جنكزخان يقولون له : إنّه سائر إليك. وبادر
__________________
(١) هكذا بخط المؤلف ، وفي كامل ابن الأثير : «أرسل إلى خوارزم شاه يعلمه بوصولهم ويذكر له ما معهم من الأموال».