سنة ثمان عشرة وستّمائة
[الحرب بين جلال الدين وجنكزخان]
فيها التقى السّلطان جلال الدين ابن خوارزم شاه هو وتولّي خان مقدّم التّتار ، فكسرهم جلال الدّين وركب أكتافهم قتلا بالسّيف ، وقتل مقدّمهم تولّي خان بن جنكزخان ، وأسر خلقا من التّتار. فلمّا وصل الخبر إلى جنكزخان قامت قيامته ولم يقرّ له قرار دون أن جمع التّتار ، وسار يجدّ السّير إلى حافّة السّند.
وكان جلال الدّين قد انثنى عنه أخوه وجماعة من العسكر فضاق عليه الوقت في استرجاعهم لقرب التّتار منه ، فركب في شوّال سنة ثمان عشرة فالتقى الجمعان ، وثبت السّلطان جلال الدّين في شرذمة ، ثمّ حمل بنفسه على قلب جنكزخان فمزّقه ، وولّى جنكزخان منهزما وكادت الدّائرة تدور عليه لو لا أنّه أفرد كمينا قبل المصافّ نحو عشرة آلاف ، فخرجوا على ميمنة السّلطان وعليها أمين ملك ، فانكسرت وأسر ابن جلال الدّين ، فتبدّد نظامه ، وتقهقر إلى حافّة السّند ، فرأى والدته ونساءه يصحن : بالله اقتلنا وخلّصنا من الأسر. فأمر بهنّ فغرّقن. وهذه من عجائب المصائب ، نسأل الله حسن العواقب.
فلمّا سدّت دونه المهارب وأحاطت به النّوائب ، فالسّيوف وراءه ، والبحر أمامه ، فرفس فرسه في الماء على أنّه يموت غريقا فعبر به فرسه ذلك النّهر العظيم لطفا من الله به ، وتخلّص إلى تلك الجهة زهاء أربعة آلاف رجل من أصحابه حفاة عراة. ثمّ وصل إليه مركب من بعض الجهات وفيه مأكول وملبوس ، فوقع ذلك منه بموقع. فلمّا علم صاحب الجوديّ أنّ جلال الدّين وصل إلى بلاده طلبه بالفارس والرّاجل ، فبلغ ذلك جلال الدّين ، فعظم عليه ، لأنّ معه أصحابه مجرّحين وضعفاء ، فانجفل من مكانه ، وأمر من معه من أصحابه أنّ كلّ جريح يقدر على الحركة فليصحبه ، وإلّا فليحزّ رأسه. وسار عازم على أن يقطع نهر