وإن كان الظاهر مع الساعي مثل أن يدّعي إبدال النصاب أو أنّه باعه ثم اشتراه ، أو ادّعى أنّه كان وديعة ستة أشهر ثم ملكه ، أو ادّعى دفع الزكاة إلى غير هذا الساعي فإنّ الأصل عدم ما ذكره إلاّ أنّ القول قوله ، لأنّه أمين.
وفي وجوب اليمين وجهان : الوجوب ، لأنّه خلاف الظاهر ، وليس بجيّد ، لما تقدّم ، وعدمه بل هي استظهار مستحب.
فعلى الأول لو امتنع طولب بالزكاة ولا يحلف الساعي ، لأنّه نائب عن الفقراء ، والنائب كالوكيل لا يحلف ، ولا يمكن إحلاف الفقراء ، لعدم تعيّنهم قبل الدفع.
ثم اعترض على نفسه : بأنّ الحكم لا يثبت بالنكول وقد ثبت هنا.
وأجاب : بأنّ الحكم ليس بالنكول بل بوجود النصاب في يده حولا ، وإنّما يقبل قوله مع يمينه في إسقاطها ، فإذا لم يحلف أخذ منه بالسبب المتقدّم ، كما لو امتنعت من اللعان (١) حدّت بلعان الزوج لا بنكولها.
وعلى الثاني : إذا امتنع لم يطالب بالزكاة (٢).
تذنيب : لو شهد عليه عدلان ببقاء عين النصاب أو بإقراره بما ينافي دعواه المسقطة للزكاة سمعت والزم بالزكاة.
مسألة ١٣٤ : لو عزل الزكاة فتلفت قبل أن يسلّمها إلى أهلها إمّا المستحق أو الإمام أو الساعي ، فإن كان بعد إمكان الأداء ضمن ولم تسقط عنه ، ووجبت عليه شاة أخرى لا قيمة التالفة وإن كانت أزيد.
وإن كان قبل إمكان الأداء فالوجه عندي السقوط ، وبه قال مالك (٣) ،
__________________
(١) يعني : كما في اللعان إذا لا عن الزوج ، لزم المرأة حدّ الزنا ، فإن لاعنت سقط ، وان امتنعت لزمها الحدّ لا بامتناعها بل بلعان الزوج. انظر : الهامش التالي.
(٢) المجموع ٦ : ١٧٤.
(٣) بداية المجتهد ١ : ٢٤٨ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٦.