وقال أبو حنيفة : يعطي عوضا واجرة لا زكاة ، لأنّه لا يعطي إلاّ مع العمل ، ولو فرّقها الإمام أو المالك لم يكن له شيء ، والزكاة تدفع استحقاقا لا عوضا ، ولأنّه يأخذها مع الغنى والصدقة لا تحلّ لغني (١).
ولا يلزم من توقّف الإعطاء على العمل سقوط الاستحقاق ، والمدفوع ليس عوضا ، بل استحقاقا مشروطا بالعمل.
ونمنع عدم الدفع إلى الغني مطلقا ، لأنّ العامل لا يأخذ باعتبار الفقر ، وابن السبيل يأخذ وإن كان غنيّا في بلده فكذا هنا.
مسألة ١٦٧ : يجب على الإمام أن يبعث ساعيا في كلّ عام لتحصيل الصدقات من أربابها ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يبعثهم في كلّ عام ، فيجب اتّباعه ، ولأنّ تحصيل الزكاة غالبا إنّما يتمّ به ، وتحصيل الزكاة واجب فيجب ما لا يتمّ إلاّ به.
إذا ثبت هذا فينبغي للإمام أن يوصيه كما وصّى أمير المؤمنين عليهالسلام عامله.
قال الصادق عليهالسلام : « بعث أمير المؤمنين عليهالسلام مصدّقا من الكوفة إلى باديتها ، فقال له : يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له ، ولا تؤثرنّ دنياك على آخرتك ، وكن حافظا لما ائتمنتك عليه راعيا لحقّ الله فيه حتى تأتي نادي بني فلان ، فإذا قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثم امض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم فسلّم عليهم ، وقل : يا عباد الله أرسلني إليكم ولي الله لآخذ منكم حق الله في أموالكم ، فهل لله في أموالكم حقّ فتؤدّوه إلى وليّه؟ فإن قال لك قائل : لا ، فلا تراجعه ، فإن أنعم لك منعم منهم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلاّ خيرا.
فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلاّ بإذنه ، فإنّ أكثره له ، فقل له : يا عبد الله
__________________
(١) بدائع الصنائع ٢ : ٤٤ ، تحفة الفقهاء ١ : ٢٩٩.