ثم بكى الصادق عليهالسلام ، وقال لبريد بن معاوية : « يا بريد والله ما بقيت لله حرمة إلاّ انتهكت ، ولا عمل بكتاب الله ولا سنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا العالم ، ولا أقيم في هذا الخلق حدّ منذ قبض الله أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولا عمل بشيء من الحقّ إلى يوم الناس هذا ».
ثم قال : « أما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيي الله الموتى ، ويميت الأحياء ، ويردّ الحق إلى أهله ، ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأبشروا ثم أبشروا ، والله ما الحقّ إلاّ في أيديكم » (١).
مسألة ١٦٨ : إذا تولّى الرجل إخراج الزكاة بنفسه سقط حق العامل منها ، لأنّه إنّما يأخذ بالعمل.
وكذا لو تولّى الإمام أو الوالي من قبله قسمتها لم يستحق شيئا ، لأنّه يأخذ رزقه من بيت المال ، لأنّه يتولّى أمور المسلمين ، وهذا من جملة المصالح.
أمّا الساعي فإن رأى الإمام أن يجعل له اجرة من بيت المال لم يستحق شيئا من الصدقة ، وإن لم يجعل له شيئا كان له نصيب من الزكاة.
ويتخيّر الإمام بين أن يستأجره لمدّة معلومة بأجرة معلومة ، أو يعقد له جعالة ، فإذا عمل ما شرط عليه ، فإن كان أجر مثله أقلّ كان الفاضل من الثمن من الصدقة مردودا على أهل السّهمان ، وإن كان السهم أقلّ من أجرته جاز للإمام أن يعطيه الباقي من بيت المال ، لأنّه من المصالح ، وهو أحد قولي الشافعي (٢).
ويجوز أن يعطيه من باقي الصدقة ويقسّم الفاضل عن أجرته بين باقي المستحقين ، لأنّ الفاضل لمّا ردّ عليهم كان الناقص عليهم ، وهو القول الثاني للشافعي (٣).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٣٦ ـ ٥٣٨ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٩٦ ـ ٩٧ ـ ٢٧٤.
(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٦ : ١٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٩.
(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٦ : ١٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٩.