واحتجّ أبو حنيفة بأنّ صدقة الفطرة ليس للإمام فيها حق القبض ، فجاز دفعها إلى أهل الذمة كالتطوع.
والأول محمول على التطوع.
ونمنع العلّة في القياس ، وينتقض بالأموال الباطنة.
ثم التطوع يجوز صرفها إلى الحربي (١) وهذا لا يجوز!؟
وشرط علماؤنا أيضا الإيمان ، فلا يعطى غير المؤمن عندنا ـ خلافا للجمهور ، فإنّهم اقتصروا على الإسلام خاصة (٢) ـ لأنّ مخالف الحقّ محادّ لله ورسوله فلا تجوز مودّته ، والزكاة معونة ومودّة فلا تصرف إليه.
ولقول الباقر والصادق عليهماالسلام في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء كالحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ، ثم يتوب ويعرف هذا الأمر ، ويحسن رأيه ، يعيد كلّ صلاة صلاّها أو صوم أو زكاة أو حج ، أو ليس عليه إعادة شيء من ذلك؟ قال : « ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة فإنّه لا بدّ أن يؤدّيها ، لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها ، وإنّما موضعها أهل الولاية » (٣) وهذا الحديث حسن الطريق.
وهل هو مطلق؟ نصّ علماؤنا على أنّه في الحج إذا لم يخلّ بشيء من أركانه لا تجب عليه إعادته ، أمّا الصلاة والصوم ففيهما إشكال من حيث إنّ الطهارة لم تقع على الوجه المشروع ، والإفطار قد يقع ( منهم ) (٤) في غير وقته.
__________________
(١) أشار المصنّف رحمهالله بهذه الجملة إلى مذهب الحنفية حيث ذهبوا إلى جواز صرف صدقة التطوع إلى الحربي. انظر : الفتاوى الهندية ١ : ١٨٨.
(٢) انظر : المغني ٢ : ٥١٥ ، والمجموع ٦ : ٢٢٨ ، وبداية المجتهد ١ : ٢٨٢.
(٣) الكافي ٣ : ٥٤٥ ـ ١ ، علل الشرائع : ٣٧٣ ، الباب ١٠٢ ، الحديث ١.
(٤) في « ط » : منه.